كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 5)

فقد ذهب بعضهم إلى أنها مشتقة من أوسى، فلو كان هذا الإدعاء صادقاً لقالوا الموسي (بكسر السين وبياء منقطة في الأخر أي بصيغة الفاعل) لأن معنى أوسى رأسه حلقه، لكن الموسى هي بصيغة اسم المفعول فيكون معناه المحلوق، والحال لا تكون الآلة محلوقة بل حالقة، إذ الرأس هو المحلوق. ولهذا صدق من قال أن وزن موسى فعلى لا مفعل أي أن موسى مشتقة من مادة الموس وهو الحلق فكأنك تقول الحلقى، كأنها مؤنث الأحلق وهي - وإن لم توجد - إلاَّ أنها تعني الآلة التي تحلق أو ذات الحلق، كما أن الصغرى مؤنث الأصغر أي ذات الصغر حين لا يكون فيها معنى التفضيل، فإذا ذهبت إلى هذا الرأي استقام بين يديك المبنى والمعنى.
فالأموي واليزيدي وأبو عمرو بن العلاء وابن السراج وغيرهم يذكرون اللفظة أي يشتقونها من الموسى: أما ابن السكيت والكسائي والفراء والأزهري والليث ومن تبعهم فأصح نقداً وأصوب نظراً لأنهم يذهبون إلى أن الموسى مؤنثة أي من الموس. وقد ذكروا لهذا الرأي شواهد جمة من كلام قدماء العرب. أما الذين قالوا بأنها مذكرة فلم يوردوا عليها شواهد جليلة قديمة وصحيحة كما جاء معارضوهم بما يدعم رأيهم.
فنحن نتبع من يقول برأي أن الموسى من الموس فهي مؤنثة كما أن فعلى مؤنث أفعل، وأفعل جاء بمعنى الفاعل كقولهم: الله أعلم، أي عالم: والله أكبر، أي كبير: وهذا الرجل الأقل، أي قليل بمعنى الفقير وفيه بقية: إلى غيرها مما جاء فيها أفعل بمعنى فاعل. فمعنى موسى إذن الآلة الحالقة لا المحلوقة إذ هذا يأباه كل عاقل، ولا مزكي له في الاشتقاق ولا في المعنى.
وهناك ألفاظ كثيرة عديدة، وإنما اجتزأنا بما ذكرنا تنبيها للأفكار لا غير ولعل خطأنا في ما ذهبنا إليه أكثر من صوابنا. وهو الهادي.
(الكرمل)
الكرمل اسم جبل قريب من حيفا (في فلسطين) والتوراة العربية المطبوعة في مطبعة الأباء اليسوعيين تضبط اللفظة وزان حرمل أي بفتح الأول والثالث والحل إن العرب لم تضبطه أبداً هذا الضبط والصواب بكسرهما كزبرج والذين في جوار الجبل المذكور من العرب (لا الأعاجم) لا يلفظونه إلاَّ بكسرها فأحفظه.

الصفحة 22