كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 5)

ألفوها منذ نعومة الأظفار أرثا عن الآباء والأجداد وأنهم كانوا مستسلمين رضاء وطوعاً للبقاء على ما وضعه أسلافهم فلا يخامر بالهم تغيير ما أعتادوه وأن نقم بعضهم أو أغلبهم أحياناً على الشيخ في تصرفه في شؤونهم وحالتهم تنبئ باحتفاظهم بكثير من العوائد والأخلاق القديمة التي لم تفعل فيها الأيام شيئاً يذكر.
وفي سنة 1277هـ (1860م) في عهد الوالي توفيق باشا جرت المزايدة بين الراغبين في المشيخة الشيخ منصور بك (باشا) وبين الشيخ بندر الناصر الثامر فأسندت المشيخة إلى الأخير منهما في 20 شوال لمدة ثلاث سنوات ببدل سنوي قدره 4900 كيس مع إفراز جديد من تلك الديار. وذلك المفرز هو أبو الخصيب وباب سليمان في أنحاء البصرة وشطرة العمارة، وغادر الشيخ بندر بغداد في 28 من ذاك الشهر راكباً سفينة شراعية وطريقه على الكوت (كوت العماؤة ولا تقل كوت الأمارة) فالغراف ويظهر أن الشيخ بندر كان يسر بتسميته قائم مقام بدليل أن والدي كان كلما كاتبه عنون كتابه بما يلي:
(صاحب العزة قائم مقام المنتفق بندر بك)
ولما جاء محمد نامق باشا والياً للمرة الثانية ودخل بغداد في 3 شوال سنة 1278هـ (1861م) ارتأى أنه قد حان الوقت لإلغاء المشيخة فوافقه على ذلك الشيخ منصور بك (باشا) فأسند إليه الوالي وظيفة قائم مقام المنتفق على أن تدار شؤون اللواء أسوة ببقية الألوية وعين محاسباً للواء سليمان فائق بك فقد إليه. وكان تعيين قائم مقام يوم الخميس سلخ جمادي الأولى سنة 1280 (1863م) وهو يومئذ في بغداد ومعه أخوه (الشيخ) ناصر (باشا) والشيخ بندر الذي ترفي في اليوم التالي بالحمى فدفن في مقبرة الشيخ عمر السهروردي.
وبعد أن شخص قائم المقام منصور بك (باشا) إلى المنتفق عارض (الشيخ) ناصر (باشا) في الأمر في تلك الديار مما أدى بسليمان فائق بك إلى أن يغادرها فاراً

الصفحة 29