كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 5)

(إن الشعر ليشرف بشرف القلب ويخس بخسته) فأن كلمات هذه الجملة مساوية لكلمات الجملة الأولى مع مضاعفة المعنى وبهاء التركيب وهذا مما يشجعنا على أن لا نقلد الغربيين تقليداً أعمى.
5 - قيمته الإدراكية
إدراك الكاتب ينبوع لآثاره الصادرة عن قلمه فلا غرو أن تكون معرفة قيمة ذلك الإدراك سبيلاً إلى معرفة قيمة تلك الآثار لذلك أود أن أزن أدارك المؤلف لتكون هذه المادة نبراساً يستضاء به في ممارسة بقية المواد في ص39:
(ويكون مثله مثل ذلك الرجل الذي. . . بدا له طريقان فسلك أشدهما ظلمة وترك أوضحهما نوراً. . .)
وههنا أشكال وهو أنه: هل يجوز أن يقال (زيد أسخى من عمرو وعمرو أبخل من زيد) لأن الجملة الأولى تقتضي إسناد شديد إلى زيد وإشراك عمرو فيه فإذا قيل على أثرها (عمرو أبخل من زيد) كان إسناداً لبخل شديد إلى عمرو الذي وصفناه بالسخاء آنفاً وإشراكاً لزيد في البخل بعد وصفه بالسخاء الشديد ولا يخفى ما في ذلك من تناقض. وأن استطاع التملص من هذا لم يستطع التملص مما يأتي فقد قال في ص43 (ولنقابل بين مطالعتنا وتجاربنا. - ولماذا لا نلتذ أحياناً بمطالعة كتب بعيدة الشهرة؟ إنها لم تمتعنا إلاَّ لأنا لم نهتد للفائدة العامة منها) فيكون مآل العبارة: إنها أمتعتنا لعدم اهتدائنا للفائدة! ومعيار ذلك أن النفي إذا نقض بإلا، كان إثباتاً فإذا قلت (لم أكرمك إلاَّ لأنك لم تكذب) كان المعنى: إني أكرمتك لعدم كذبك فإذا وضعنا (لم تصدق) مكان (لم تكذب) كان المعنى: إني أكرمتك لعدم صدقك ولا يخفى ما فيه!
6 - التلفيق دون تبصر
من ذلك قوله في ص13 (ومن السليقية أن لا يميل الكاتب الحضري إلى التقعر واستعمال الغريب) فيقال: ما الغرض من التقييد بالحضري؟ وليس عندنا بدوي فيحترز منه الظاهر أنه نقل هذه العبارة من كتاب ألف أبان

الصفحة 628