كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

مر بنا أن الجامع الذي نحن بصدده يسميه بعضهم (جامع القصر) وبعضهم (جامع الخليفة). والآن يحن بي أن ألخص ما قالوه ليتضح أنه واحد. قالت مقدمة الخطيب أن المكتفي أمر بهدم المطامير التي كان المعتضد بناها بالقصر الحسني وأنه القصر المرسوم بدار الخلافة وأنه أمر بجعل موضعها (مسجدا جامعا) ويضاف إلى ذلك ما ذكره كتاب المناقب بروايته لنا بناء هذا الجامع أنه (جامع القصر). ويلحق بما جاء ذكره ابن جبير وابن بطوطة لجامع الخليفة) وسكوتهما عن (جامع القصر) وقد عدا جوامع الجانب الشرقي جميعها ولو كان جامع الخليفة غير جامع القصر لذكراه باسمه. فجامع الخليفة وجامع القصر واحد. وقد اقر ذلك نفر من مشاهير المستشرقين منهم لسترنج في كتابه: بغداد في عصر الخلافة العباسية وماسنيون في كتابه بعثة ما بين النهرين وهرتسفلد في كتابه عن بغداد.
ومن الذين ذكروا جامع القصر ابن الأثير في الكامل دفعات عديدة ويظهر لي لم يذكر الخليفة ولا ارجح أنه مرت قرون ولم يحدث مرة واحدة أمر يوجب ذكر جامع الخليفة وأني لأرجح أنه وافق على اصطلاح الناس عليه بجامع القصر. ومما جاء في ابن الأثير عن (منارة جامع القصر) قوله (54: 11) في حوادث سنة 479 هـ (1086م):
(وفيها في ربيع الآخر فرغت المنارة بجامع القصر وأذن فيها) أهـ
فنظر لما أتى به ابن الأثير لا أرى مجالا لمخاطبة (البناء) للمنارة الشاخصة للأبصار بمئذنة الرشيد في قصيدته التي نشرت في هذه المجلة (3 (1914): 574) إلا إذا أراد الشاعر المجاز وإذا صح له ذلك. أما قول حاشية تلك الصحيفة أن المئذنة كانت في عهد الخلفاء العباسين لكن بانيها لا يعرف على التحقيق وأن منهم من يرى أنها من عصر الرشيد وأنه هو بانيها في وسط المسجد الجامع فأني اقسم جوابي عليه إلى قسمين: الأول أريد به أنها كانت في زمن الخلافة العباسية وهذا لا غبار عليه فأن ابن الأثير روى لنا
بناءها في العصر العباسي. الثاني أنه من بناء الرشيد لا يصح إذ أن الجامع الذي ينسب بناء المنارة إليه هو جامع القصر - وعلى اصطلاح ثان جامع الخليفة - وقد أحدثه المكتفي كما رأينا

الصفحة 10