كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

وكانت المبالغة ضربا من الكذب لا صلة لها، بالشعور، كانا وخيمين لا يهضمهما العصر الحاضر.
واحسن الشعر في نظري ما استند إلى الحقائق أكثر من العواطف والخيال البديعين عنها،
فكانت حصة العقل فيه أكثر من حصتهما، وفي الشعر القديم، ولا سيما شعر العواطف منه كثير من الجيد الخالد ولكن تقليده اليوم غير حميد. فهو صدى لصوت قد تقدمه فلا خير. والفرق بين الشعرين القديم والجديد: (أن الأول ضيق، لضيق معارف أصحابه؛ والثاني متسع لسعة معارف أهله. ومن هنا تعرف أن ما يطلب من الشاعر العصري أكثر مما يطلب من المتقدمين وإن ما يرفع هذا غير ما يرفع ذلك، وإن كان منهما صادقا في شعوره.
وللشاعر أن يجمع في بعض قصيدة أكثر من مطلب، بشرط أن يكون بين مطالبها صلة تربط حلقاتها المتعددة. واحسب أن هذا اقرب إلى طبيعة التفكير أو الإحساس، فأنهما لا يأتيان إلا في صورة أمواج هي فورات النفس وثورته، يستقل كل منها عن الأخرى، وتكون القصيدة حينئذ أشبه بباقة من مختلف الأزهار مع تناسق في ألوانها.
وقد يختلف ما يشعر به الشاعر به آخرون في موضوع واحد فتقول عليه قيامة هؤلاء يتقدمونه رامين إياه بالسفه في الرأي غير أنه شعر بما لم يشعروا به أو نظم في طريقه لم يألفوها، وهم بالإكبار أولى لأنه مبتكر أتى بما هو جديد. وهكذا كل مجدد هو غرض لسهام مخالفيه. أو حاسديه وقد يسليه عمله أن العاقبة له.
ولقد نشر لي ببيروت في أول سنة الدستور العثماني. ديوان باسم (الكلم المنظوم). ونشرت لي في مصر سنة 1924 طائفة من الشعر غير قليلة باسم (ديوان الزهاوي) وهذه مقسومة إلى أقسام جمعت إلى جيد من الشعر ما لم استحسنه بعد المراجعة. وطبعت لي ببيروت في السنة نفسها، رباعيات باسم الدواوين الثلاثة ومن (الثمالة) - هي ديوان رابع لي يطبع بعد، وقد نظمت

الصفحة 118