كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

الشاغل لا لأهالي الفرات فحسب بل لساسة العراق وحكومة الأستانة من ورائهم.
زرت سدة الهندية غير مرة فلم اقض فيها وقتا كافيا لدرس طرق توزيع المياه وتعبير السفن وترتيب المناوبة كالوقت الذي صرفته هناك في بحر كانون الأول من سنة 1927 فقد بقيت هناك مدة طويلة استطعت فيها أن اقف على ملاحظات دقيقة لا أعتقد أن قراء لغة العرب الزاهرة في غنى عنها.
(أقيم سد السر وليم ويلكوكس على أثر انهدام سد المسيو شندرفر الافرنسي فوق أرض تبعد ألف متر عن السد القديم وهو أعظم بناء شيدته يد البشر في بلاد الرافدين حتى ألان. والواقف عليه اليوم يدهش دهشا عند رويته ضخامة ذلك الأثر وهندسته وتبويبه والطرق الفنية المتخذة لرفع الأبواب لتوزيع المياه وتعبير السفن وغير ذلك مما يدهش العقول: طول السد أكثر من 250 مترا وعرضه بين الطوارين 4 أمتار وعدد الأبواب التي فيه 36 وعرض كل منها 5 أمتار وهذه الأبواب من المعدن وتنزل إنزالا كما ينزل السيف في
القراب. واقربتها من الآهين (الحديد المصبوب) وتنزل فيها بواسطة آلات خصوصية تقام على الاطورة (التيغ) من جهة صدر النهر تسمى مرافع (جمع مرفعة) ويكون ارتفاع منبسط الماء الذي يمر خلال هذا السد 6 أمتار في وقت الفيضان ويدفع 2600 متر مكعب في الثانية وعرض كل عمود من هذا السد متر ونصف وطوله عند قاعدته 13 مترا والسد كله مبني بالطابوق وبالملاط (الشمنتو) ولقد صنع له أكثر من 12 مليون آجرة واتخذت الأسس من اللياط والملاط ولم يستعمل فيه من الحجارة إلا حجارة هيت وذلك لتقوية بعض المنحدرات منه وعلى الجانب الأيسر من السد درقتان متتاليتان عرض كل منهما 8 أمتار وطولها 50 مترا لتتمكن السفن من العبور من جانب السد إلى الجانب الآخر منه).
وطرق عبور السفن من جانب إلى آخر مدهشة وخطرة لان الماء الذي في جهة السد اليمنى يعلو الماء الذي في الجهة اليسرى بأكثر من خمسة أمتار أحيانا

الصفحة 121