كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

بآلامها وهي تتكتم حتى استولى عليها اليأس والقنوط وداهمتها حمى مطبقة عقبها هذيان واشتراك الخاطر فكانت تردد ألفاظا وهي غير شاعرة بما تقوله ولا يجد لها سامعوها معنى. وكان بيتها (رحل. . . تركني. . . لا يعود. . . مات. . . أتبعه. . . ثم تبكي فتأخذها رعشة عصبية ويغشى
عليها فتغيب عن حواسها.
اجتمع الأهل والأصدقاء حواليها وكل منهم يبدي رأيا فهذا يقول أن الإله والالاهة اللذين يحميانها قد تركاها. والآخر يقول: لقد استولت عليها الأرواح الخبيثة فهي تؤذيها. والثالث يقول يجب أن نستدعي الكاهن الفلاني المشهور بقوة سحره وسعة علمه ليرى ما فيها. وغيره يعارضه ويفضل على الكاهن المذكور كاهنا آخر قد جربه في الحادث الفلاني. وفي الآخر اتفقت آراء الأهل والاقربين على طلب أحد الكهان فأرسلوا إليه من يستقدمه.
جاء الكاهن متأبطا حزمة فيها كل ما يلزمه من العدد للقيام بمهمته فنزع حذاءه وتطهر بالغسل وتقدم من المريضة وبعد فحص رأسها ووجهها وتفقد حالها قطب حاجبيه لأنه رأى حالتها الروحية والجسدية تنذر بخطر ولكنه لم ييأس اذ يثق بالآلهة وبقوة سحره التي تترضاها وتطرد الأرواح الشريرة التي تعذبها.
لم يصر الكاهن على نقل المريضة إلى الهيكل للقيام بشعائر الدين بل رضي أن تتم في دارها لان مرضها ثقيل.
ألقى في النار نباتا مقدسا فالتهب وعبق الغرفة برائحته الذكية واخذ ماء معطرا في أناء سحري وتمتم عليه صلوات وأدعية لطرد الأرواح الشريرة واشربه حترآء.
وقرأ في رقيم استله من تلك الرزمة دعاء البهلة بصوت ثابت وموقع فقال:
سطت البهلة على الإنسان كشيطان وهبط عليه صوت الساحر كضربة وهجم عليه الصوت الخبيث والبهلة المؤذية وضرر السحر والصداع تذبحه البهلة المؤذية كما يذبح الحمل. إذ أن الإله محامية قد ترك جسده وابتعدت عنه الالاهة محاميته. وامتد عليه الصوت يقرعه كثياب المخلع.
مهما كانت قوة نفثات السحر عظيمة ومهما كان المرض شديد الوطأة فالآلهة

الصفحة 124