كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

حرفين وهما: إصبع وأنملة على لغة من ينطق بها. ولهذا يمتنع أن يقال: (الالسني) بتاتا.
هذا من جهة النسبة إلى الألسن. وهناك سبب آخر يمنع اتخاذ الألسنية بالمعنى المطلوب في الإفرنجية وذلك أن الموصوف لا يحذف إلا إذا كان هناك قرينة هي كثرة الاستعمال أو
شهرة الموصوف أو نحو من الألفاظ التي أشرتم اليها، والا جاز حذف الموصوف في كل موطن لقلنا: الدمنكي وأنت تريد الأب أ. س. مرمرجي مع الدمنكي يدل على راهب اتخذ طريقة القديس دمنك (أي عبد الأحد).
نعم يقال الدمنكي وتريد به الأب المشار إليه وذلك إذا جاء المذكور مثلا في بلدة ليس فيها أحد من اخوته فتتكلم عنه في بادئ الأمر فتسميه باسمه الحقيقي ثم إذا أتاح لك الحظ أن تشير إليه في كلامك مرارا عديدة فحسبك حينئذ أن تقول الدمنكي وحده فيفهم الناس الراهب الذي تعنيه. إذن ترى من هذا أن الموصوف يحذف وتنوب عنه الصفة، إذا كان هناك ما يدل على حذفه. أما أنه يحذف حيثما يراد فهذا لم يرد في كلامه السلف والوهم فيه لا يخفى على بصير.
ولعلك تريد أن اذكر لك علة ثالثة لامتناع هذه التسمية. فدونكها؛ أن الألسنية لا تفيد المعنى الإفرنجي، بل حتى قولك المقابلة الألسنية، لان هذا الاصطلاح يناظر قولهم: لا غير. فإذا سلمنا أن ما اصطلح عليه الأب المحترم يقلبه ومعه بعضهم، فما الذي يقوله في التعبير الإفرنجي الذي ذكرناه له؟ فلعله يقول: (المقابلة اللسانية) لكن المقبلة اللسانية والمقابلة الألسنية في لغتنا لا تفيدان إلا مفادا واحدا من جهة صميم المعنى. إذن لم يبق فرق بين التعبيرين الإفرنجيين فينجم من هذا التعريف عوار، بل شنار، لا بل تشويه فظيع. وقانا الله شرهما.
وعندنا أن ما يقابل ما سماه الأب (الدمنكي) (الألسنية السامية) هو: (مقابلة أسرار الألسن السامية) فهذه أربع كلمات تقابلها خمس في الإفرنجية وتعبيرها أدل من تعبيرهم. والمفهوم واحد. فالفيلولوجية لا يرادفها عندنا في لساننا إلا (اسرر اللغة) لا غير. فافهم ولا تغتر بظواهر الأدلة.

الصفحة 141