كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

فصل صدره هكذا: (ذكر نقل المستنصر بالله من مدفنه بدار الخلافة إلى التربة بالرصافة:
. . . تقدم إليهم (وقد ذكرهم قبلا) بقصر دار الخلافة. . . فمضوا. . . ثم قصد هؤلاء كلهم دجلة فخرج الصندوق الذي فيه الخليفة. . . ثم حط في شبارة طويلة. . . فلما وصلوا إلى
مشرعة الرصافة رفع الصندوق على الرؤوس وامتد الناس كلهم بين يديه إلى التربة فدفن رحمه الله في الموضع الذي أعده. . . ثم ترددوا (تردد الناس) إلى الترب. . .) أهـ.
وفي معجم البلدان في مادة الرصافة أن خربت تلك النواحي كلها ولم يبق إلا الجامع وبلصقه مقابر الخلفاء بني العباس. . . وبلصقها محلة أبي حنيفة الإمام وبها قبره. فترب الخلفاء هناك وفيها مرقد المستنصر كما رأينا. وكلتا الروايتين: الرواية الواردة في كتاب المساجد ورواية الحوادث الجامعة تؤيد إحداها الأخرى أن دفين الاصفية ليس بالمستنصر.
ومما جاء في كتاب المساجد أيضاً إنه صرف على عمارة هذا المرقد نحو عشرة آلاف دينار وانه من البعيد أن يدفن الكليني في مثل هذا الموضع أو ذلك الرجل الصالح المحاسبي الذي كان لا يملك دينارا ولا درهما وانه من البعيد أن يصرف غيره على عمارة مرقده هذا المبلغ.
قلت: وفضلا عن هذا الاستخراج ورد في نزهة القلوب (بالفارسية) لحمد الله المستوفي الذي ألفه في سنة 740هـ (1339م) وتوفي في سنة 750هـ (1349م) أن الحارث المحاسبي مدفون في الجانب الغربي على ما جاء في الكتاب المذكور (35 من طبعة جب بلندن) خلافا لما يرى في كتاب (تراجم الوجوه والأعيان المدفونين في بغداد وما يليها من البلدان) تغريب وتأليف صفاء الدين عيسى البندنيجي المتوفي في سنة 1283هـ (1866م) وهو كتاب مخطوط يرى في خزانة الآباء الكرمليين في الحاضرة وهو القائلي أن المحاسبي مدفون في الاصفية ولما كان المستوفي أقدم عهدا من الأخير بقرون فمن الظاهر أن القبر ليس للمحاسبي بصورة باتة على ما ذهب إليه المرحوم الالوسي.

الصفحة 182