كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

بدائع هذه اللغة التي يفوق جمالها جمال سائر اللغات. إذ قد احتفظت بأدق المعاني واجلها. - ومن تعابير اليونانيين في هذا الصدد قولهم: الحجون للبقاء وهو كما نقول اليوم: تنازع البقاء. لكن في قولهم وقولنا (الحجون للبقاء) من دقة المعنى وتصوير الاحتيال على الغير للفوز بالأمنية مالا يرى في قولك: (تنازع البقاء)
ومن فروع هذا المعنى الثالث ورود الحجون عندهم بمعنى الغاية المقصودة من المصارعة أو الغزوة والخطر الناشئ، من تلك المصارعة والغزوة: إذن جاء الحجون عندهم بمعنى التهلكة مهما كانت وأن لم يكن هناك مصارعة أو غزوة. ومن فروع ذلك المعنى أيضاً
الساعة الخطرة التي يفصل فيها نتاج الأمر وختامه وهناك فرع سابع وأخير للمعنى الثالث هو ورود اللفظة بمعنى الخوف والقلق لأن المرء إذا جهل نتاج أمر بقي في اضطراب لما يتوقعه.
هذه المعاني هي المشهورة وطرز تفرعها الأفنان والأغصان من جذع الشجرة.
6 - معنى آخر للحجون
ومن معاني الحجون التي لم نذكرها معنى: الإله الذي يحامي عن الألعاب العامة.
أنك تعلم أن الوثنيين أقاموا لهم آلهة ومعبودين يوافقونهم على جميع أهوائهم ويصانعونهم فيها. ومن جملتنا هذا الإله الغريب الذي لا عمل له سوى الدفاع عن الألعاب العامة وحث الشعب على إقامتها والانتفاع بمحاسنها. ولا جرم أن هذا الإله لم يتخذ إلا بعد اختراع تلك الألعاب؛ على أن المعترفين بوجوده قبل الألعاب نفسها، بيد أن الناس لم يعرفوه إلا بعد عهد الألعاب. وعلى كل حال فأن مقامه بين تفرع المعاني غير معين فجعلناه هنا مع التنبيه إلى قلق مكانه من المعاني المذكورة.
7 - من أين جاءت الحجون عندهم وعندنا
الحجون عند اليونانيين مشتقة من فعل الذي له عدة معان ومن جملتها ساق ودفع إلى مجتمع ثم تفرعت سائر المعاني من باب التوسع؛ على ما بيناه في صدر المقال. وكذلك القول عن مادة ح ج ن العربية، فأنها ناشئة من مادة ح ج ا

الصفحة 47