كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

القادر حمزة. فقد زاملناه في أواخر أيام (الجريدة) وكان الأستاذ لطفي السيد رئيسا لنا فجعل عبد القادر يده اليمنى في التحرير حتى حين وأحاطه برعايته وكان يلقنه ما يريد أن يقول وبقي ذلك شأنه حولا أو أكثر حتى انتدب لتحرير
(الأهالي) في حديث ليس هذا مجاله. فما نظن الأستاذ عبد القادر كان يسمح بنشر ذلك المقال لو اطلع عليه وكان ممن يعرف الجميل ويذكر المعروف.
أراد الأستاذ العقاد أن ينتقص فضل رجل لو كان في مصر عشرات مثله لكانت ذات استقلال تام من تلقاء نفسها ومن غير أن يحتاج في ذلك إلى السياسة ووسائلها. أراد أن ينتقص فضائله (فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل) ولست أدري لم يغضب الأستاذ العقاد من أن يسمى أحمد لطفي السيد أستاذا وكل محام أستاذ وكل طبيب أستاذ وكل معلم أستاذ. أتراه يسلم بأستاذية هؤلاء جميعا إلا أستاذية أحمد لطفي السيد؟
وبالطبع أن من ينكر على رجل كونه أستاذا أحر به أن ينكر عليه كونه فيلسوفا. ولكن هل كلف أحمد لطفي السيد أحدا يلقبه بالفيلسوف أو أوعز إلى أحد بذلك. وإن كانت السياسة هي أول من أشاع هذا اللقب فهل هي التي أوعزت إلى غيرها أن يحذو حذوها. لا يهولنك يا صديقي العقاد أن يلقب أحمد لطفي السيد بالفيلسوف لأنه إذا كان فيلسوفا فلست تقف أنت عقبة في سبيل هذا اللقب وإن لم يكن فيلسوفا فلسوف يزول هذا اللقب عنه من نفسه يوم يقوم في البلاد رجال أكثر استحقاقا لهذا اللقب منه.
ونحسب أن خلو كتاب الأخلاق الذي ترجمه من مقدمة له دليل على ذوقه السليم وانه يقدر الأشياء قدرها فاكتفى بالمقدمة الفرنسية لوفائها بالغرض وفي هذا أعظم دليل على البعد عن الدعوى الذي يلصقه العقاد.
ولست أدري لم تكون معرفة نيتشه أو تولستوي هي مقياس الفلسفة ولا يكون مقياسها معرفة أرسطو أو أفلاطون أو سقراط أو ابن رشد أو الغزالي أو ديكارت أو هيجل أو سبنسر. ثم أن فلسفة نيتشه ليست مجهولة كل الجهل عندنا فقد رأينا مقالات كثيرة عنها لكثير من كتابنا في كثير من مجلاتنا أفلا يجوز أن يكون أحمد لطفي السيد قد أطلع على إحداها ليدرك ماهية فلسفة نيتشه!!

الصفحة 690