كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

صدقني يا صاحبي العقاد إن مقالك كله هزل ليس فيه جد وهو من نوع الهزل الذي يسميه الإنجليز لا من النوع الذي يسمونه والفرق بينهما أن الأول يكتب بروح الانتقاد والثاني يكتب بقلم بريء خال منها كلها فصاحبه ظريف حقا. فإن شئت يا صاحبي أن تعرف من هو أحمد لطفي السيد فاعلم:
إنه في مقدمة الذين سعوا في إنشاء حزب الأمة و (جريدته) وهو الذي وضع برنامجه وخطب الخطب الكثيرة ودبج المقالات العديدة في تأييد سلطة الأمة ولقي الاضطهاد الكثير مع (جريدته) في سبيل فصل شخصية الأمة المصرية عن الشخصيات الأخرى ورأى ذلك مقدمة لازمة للاستقلال المنشود فعارضه (المؤيد) صنيعة الخديوي السابق وعارضه (اللواء) القائل بالتعلق بالأهداب العثمانية وعارضته الصحف الأخرى القائلة بممالأة هذه الدولة الأجنبية أو تلك. ولما ظهرت (الجريدة) دعانا نحن محرريها وكان فيهم الأستاذ المرحوم عبد الحميد الزهراوي شهيد الحرية فقال أن الذين ينتمون إلى الدولة العثمانية منكم قد يريدون أن يعلموا خطة هذه الجريدة. فخطتها هي هذه: تناول قلما وقرطاسا ورسم دوائر خارجا بعضها عن بعض فكتب في دائرة مصر وفي الدوائر الأخرى تركية وغير تركية وقال هذه خطتنا السياسية إننا مع اتصالنا بالبلاد الإسلامية دينا، لا صلة سياسية لنا بها البتة.
واحمد لطفي السيد في مقدمة الذين سعوا في إنشاء حزب الأحرار الدستوريين وجريدة (السياسة) لسان حالهم. وهو الذي قضى ثماني سنوات يكتب المقالات الافتتاحية في (الجريدة) بيانا لسلطة الأمة وتعليقا على مناقشات الجمعية التشريعية ومجلس الشورى وغيرها من مقالات التشريع والأخلاق أيام كان بعض الكتاب يقضون الساعات الطوال بين بشار وأبي نواس وصريع الغواني وابن الشمقمق!!
ولم يشك أحد من العقلاء في وطنيته المصرية يوما. غاب عنا أياما ونحن في (الجريدة) لمرض اعتراه وكان منزله في دار الجريدة فدعاني صبيحة ذات يوم إليه يسألني عن التحرير فرأيته كاسف البال فجلست فسمعته يتأوه فظننت ذلك من

الصفحة 691