كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

بغادة لبست ثوبا فضفاضا تخترقها من
الشمال إلى الجنوب جادة طويلة مبلطة مفروشة بالقار ومرصوف جانباها رصفا بديعا فإذا جاءها الليل أنيرت بالمصابيح الكهربية فتؤثر في النفوس أثرا جميلا. هواؤها عذب عليل وماؤها زلال وسكانها مشهورون بكرم الأخلاق وحسن الضيافة. أحصت الحكومة نفوس المدينة عام 1928 فكانوا نحو (248. 350) نسمة.
وقد كانت بغداد هذه حاضرة العالم الإسلامي أيام العباسيين. انبثق فيها فجر العلم والأدب فأضاء بنوره البلاد الدانية والقاصية وبلغت من العمران ما لم تبلغه مدينة في ذلك العصر ودامت حقول العلم ورياض الأدب زاهرة نضرة في حين أن الأمم التي لم ترشف من حياض مدنيتها المترعة ولم تقتطف من ثمار جناتها اليانعة. كانت تتسكع في مجاهل الضلالة وتتخبط في دياجير العمى. ولكن النكبة التي منيت بها على يد هولاكو التتري عام 656 تركتها قاعا صفصفا لا يرى فيها بعد تلك العظمة والجلال. والزخرفة والبهاء غير الدمار والبوار ولعل الهمة الناشطة اليوم في تعبيد طرقها وتشييد المباني الضخمة فيها ستعيد إليها رونقها الغابر وعزها المندثر.
أسسها أبو جعفر المنصور عام 145 هـ على الجانب الغربي من دجلة في بادئ الأمر ثم أتم بناءها على الجانب الشرقي فتمت في سنة 157هـ وقد بناها واتخذها مقرا لخلافته بغضا لأهل الكوفة وتجافيا عن جوارهم وهو الذي وضع أول لبنة فيها بيده.
وقد اختلف المؤرخون في أوجه تسمية بغداد بهذا الاسم: فمنهم من قال إنها (أي كلمة بغداد) تفسير كلمة بستان لرجل فباغ بستان وداد أسم رجل ومنهم من قال بغ اسم صنم وذكر إنه اهدي إلى كسرى خصي من المشرق

الصفحة 747