كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

أن يكون أجنبيا، أو بفضل صغير في حكم العدم لا خوف من مزاحمته، وأما أقرانه فلا ذكر لهم عنده غير الطعن المستمر أو التجاهل، وهذا ديدنه الذي يعتبر في التخلي عنه فناءه، لأنه لا يعيش إلا على إصغار سواه، ولا يوجه النظر إلى نفسه إلا بتصنع العبقرية والعظمة. . . فتأمل!! وسبحان واهب العقول!
على أننا لو نظرنا إلى أدب العقاد من أوله إلى آخره لما وجدناه في أحسنه سوى تقليد لنظم شكري ولنقد المويلحي وهيكل وغيرهما، وليس في أغلبه سوى ثرثرة ومهاترة وسفسطة. . . فوجود هذا الأدب وعدمه سيان، بل الخير في عدمه، والأديب العصري المطلع على الثقافة الأوربية لا يسعه إلا أن يهزأ بصاحبه عندما يدعي إنه ليس بأديب مصر الأعظم فحسب، بل في مقدمة أدباء العالم وفلاسفته!!
هذا هو الدعي الذي يحتال احتيالا على الشهرة بالشذوذ والشتائم وبتصنع العظمة، وبالدعاية العميقة الماهرة بينما يظهر كالصنم المظلم، وبمحاولة هدم سواه من نبهاء مصر، وبالاختلاق على كل نابغة، حتى قضى على كل ظن حسن وجه إليه سابقا من إخوانه الأدباء أمثال الأساتذة طه حسين، ومحمود عزمي، وحسين هيكل، وزكريا جزارين، وخيري سعيد، وعبد الحميد سالم، وإسماعيل مظهر، ونجيب شاهين، وسلامة موسى، وغيرهم من الأفاضل المشهورين. فهل يتصور العقاد إنه يستطيع بعد أن اشتهرت دخيلته أن ينال من وزير المعارف المصرية الجليل الأستاذ لطفي بك السيد رجل الفضل والأدب ومكارم الأخلاق؟! على أننا لا نبرئ الأستاذ لطفي بك من اللوم، فقد أدنى إلى مجلسه الراقي المهذب من لا يستحق ذلك.
وقد شاء تهكم الأقدار أن تحتمل مصر بين عجائبها ظهور العقاد وشيعته من المتنطعين فيها ليصدق عليها الحكم المأثور:
وكم ذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكا!!
ولكن لنا عزاء في أن الدجل الفكري أصبح مفضوحا عديم الأثر، فلن يغتر به أديب مثقف لا في مصر ولا في غيرها، وحسبنا شاهدا قريبا على ذلك النقد المتين البليغ لديوان العقاد الذي نشرته زميلتنا (لغة العرب) الغراء، فقد قضى قضاء مبرما على ترهاته وفتح عيون المخدوعين فيه، ولم ينفعه دفاعا سبابه المألوف

الصفحة 760