كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

بل أن الذي حداني إلى ذلك إنني كنت بدمشق زائرا قبل خمسة عشر عاما فبينما كنت أتجول في شوارعها وجوادها وقع نظري على بعض الكتابات الأثرية المنقورة في الحجارة وقد أدخلت في بعض البنايات الحقيرة فورد على خاطري أن جمع مثل هذه الكتابات قد يجدي نفعا للتاريخ وقد أدليت برأيي هذا حين ذاك إلى صديقي صاحب المقتبسين العلامة الأستاذ السيد محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي وزير المعارف في الحكومة السورية
الآن فاستحسنه ولكنه قال أن مثل هذا المشروع يتطلب عناء ونفقة وهو أحرى بعلماء المشرقيات في الغرب منا نحن المشارقة العرب ومع ذلك فإني أخذت بنقل ما عثرت عليه من الرقم في فلسطين ولا أقول إنني تمكنت منها جميعا لأن في الزوايا كثيرا من الخبايا إلا أن الذي أستطيع أن أجاهر به وأفاخر إنني طوفت بأكثر مدن فلسطين وقراها باحثا منقبا وأنني صححت بعض أغلاط النقلة من العلماء المستشرقين الذين جمعوا كتابات معينة محدودة ولعل صديقي الأب يذكر حديثي له في هذا الشأن في دير مار الياس على رأس الكرمل سنة 1925 بل أقول أكثر من هذا إنني وجدت لكلرمون غانو ولفان برشم أغلاطا من هذا النوع سأنشرها متى جاء وقتها. ولا لوم ولا تثريب عليهما في ذلك فانهما ليسا من الناطقين بالضاد ولا هما من أبناء البلاد الذين يستطيعون التغلغل في أحشائها وقد قيل: أهل مكة أدرى بشعابها.
والذي أريد أن أقوله بجلاء ووضوح هو أنني نقلت تلك الكتابات عن أرقامها الأصلية ولم استعن بأحد كما توهم أصحابنا. على أن المتأخر إذا نقل عن المتقدم لا يكون قد ارتكب شططا أو جاء أمرا فريا. أما ردودي على كرام الكاتبين فهي:
1 - إن المأسوف عليه فإن برشم كان عني بجمع الكتابات الفلسطينية وقضى نحبه قبل أن يقضي لبانته من نشرها وتمثيلها بالطبع. وقد نشر الجزء الأول من مجموعته التي ستقع في ثمانية أجزاء منذ بضع سنين واقتنيت ذلك السفر على الرغم من جهلي اللغة الفرنسية التي علق بها على الكتاب واللغات الأجنبية الأخرى كما

الصفحة 776