كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

السلف من كان يجعل الهمزة عينا وهو ما يعرف بالعنعنة. ومنهم من كان يقلب الياء ضادا فكان بعضهم يقول (الضرع) وهو الصغير من كل شيء ويريد به (اليرع) وقد يحمل أيضاً على لغة من يجعل الياء جيما ويصير الجيم ضادا ونحن نرى أنهم قالوا في أيده: (أجده) ثم قالوا (عضده) على سبيل إدخال لغتين في كلمة واحدة. قال في اللسان: بناء مؤجد مقوى وثيق محكم. أهـ. ومؤجد مثل موطد لأنهم استثقلوا قولهم موضد بالضاد فنقلوها إلى الطاء طلبا للخفة. أما أنهم جعلوا الجيم ضادا فكثير في كلامهم. فقد قالوا وجح الطريق بمعنى وضح. وأوضفه بمعنى اوجفه أي حمله على الإسراع في المشي. وضرح الشهادة بمعنى جرحها. وهضمها
عليهم بمعنى هجم والرضام الرجام لصخور عظام إلى غيرها. ولهذا نذهب إلى أن عضد اصلها أيد، ودخول لغتين على الكلمة الواحدة معروف في لساننا فقد قال الفصحاء آض (أي رجع) عاد بجعل الهمزة عينا والضاد دالا أو بالعكس. وقالوا: الكثر والقدر. سما وشمخ أو سمق. ختره في غدره إلى غيرها. وكذلك في لغة العوام. فقد سمعت يوما الدكتور المرحوم يعقوب صروف يقول لي (أزان) فلم افهمها في بادئ الأمر. فقلت له اكتبها فخط (أظان) فقلت: وهذه أيضاً لا افهمها فما تريد؟ فقال: المرجل أو القدر الكبير. قلت: الآن فهمت أن الكلمة تركية الأصل من (قزان) بمعناها. وقزان نفسها مخفف (قزغان). ولما كان السوريون وبعض المصريين يلفظون القاف همزة والزاي ظاء قالوا (اظان) وهكذا كان يكتبها المرحوم الدكتور صروف في مقتطفه. فلا عجب بعد ذلك إذا قيل في (أيد): (عضد).
6 - قال حضرة البك: (لم يجيء في كلامهم نصره ينصره تنصيرا للمبالغة والتكثير). قلنا: لو قال حضرته لم نجد نصره (بالتشديد) في دواوين اللغة لسلمنا له بالأمر أما إنه لم يجيء أبدا فهذا ما نخالفه فيه لأن ابن قتيبة يقول في كتابه (أدب الكاتب) في ص 488 من طبعة أوربة: (وتدخل فعلت (المشددة العين) على فعلت (المجردة) إذا أردت كثرة العمل) ولهذا انتقد الفرزدق إذ انشده
ما زلت افتح أبوابا وأغلقها ... حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
فقال: (فجاء به مخففا وهي جماعة أبواب وهو جائز إلا أن التشديد كان

الصفحة 787