كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)
أحسن وأشبه بالمعنى). أهـ.
أما أن التنصير ورد في كلام الأدباء فهو أمر لا يحتمل الريب فقد جاء في كتاب البيان لمؤلفه ابن العذاري المغربي وهو من أبناء المائة السابعة للهجرة؛ في مقدمة الجزء الأول ص 88 في الرقم 3 فراجعه.
7 - يؤخذ من كلام حضرة اللغوي المحترم إنه لا يحسن بنا أن نستعمل إلا ما استعمله السلف وأن لا نتخذ إلا ما اتخذه السلف لا غير. أو بعبارة أخرى يقول لنا: يا أهل القرن العشرين: كونوا من موتى السلف ولا تتحركوا حركة ولا تظهروا إمارة حياة لأن السلف لم يتحركوا كما تتحركون فاهمدوا في مواطنكم. وكل هذا أمر بالموت صبرا وهذا لا يسلم به حي من الأحياء.
8 - من غريب صنع حضرة الإمام اللغوي إنه يأمرنا بالجري على آثار السلف أو بالجمود أو قل بالهمود وهو يخالف ما يأمرنا به. فإنه استعمل في جوابه علينا: (المجلة والمعجم والمطبوع والمشكول) بالمعاني الحديثة وهي كلها ألفاظ لا وجود لها في القرآن ولا في الأسفار التي أشار أليها. فكيف جوز لنفسه ما لا يجوزه لغيره؟ أليس لأنه يجاري أبناء العصر في أعمال حياتهم؟ فإذا كان كذلك. فما لنا إلا أن نقول التعضيد إذا أردنا كثرة العضد التي يصعب النطق بها لتجاور حرفين ثقيلين على اللسان. ولهذا نرى استعمال التعضيد في كل موطن خير من حصرها في معنى التكثير وحده.
10 - كان السلف منا يتخذ الألفاظ للمعاني وحضرته يريد منا أن نتخذ المعاني للألفاظ وهو عندي أمر جائر لا يقبل به أحد من المعاصرين. إذ المعاني هي كالأرواح للألفاظ أو كالصورة للمادة أو كالقلب للجوهر أو كسكان البيت للبناء الذي يأوون إليه. فكيف يريد بعد هذا أن يجعل الألفاظ فوق المعاني والأجسام فوق الأرواح والقالب فوق الجوهر والأبنية فوق سكانها. أننا لا نظن أن ابن بشر يرضى بهذا الحكم الجائر مهما كانت لغته. وأي حق للموتى على الأحياء أن يكرهوهم على أن لا يجروا إلا في الطرق التي جروا فيها. وأن لا يلتفتوا في سعيهم يمينا ولا يسارا ولو تجددت أنسالهم وأنجالهم ابد الدهر؟
الصفحة 788
800