كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 6)

الثانوية فتحكمت فيه حمى محرقة واختطفت روحه فأبقى والديه وأخاه وأخواته وأولاد عمومه بلا سلوى. فنشاطر الأسرة بأجمعها البلية التي انتابتهم ورحم الله تلك النفس الغضة.
12 - وفاة محمود سلامة
عظمت خسارة الأدب في العام الفائت وفي هذه السنة بوفاة الكثيرين من علمائه كالأب شيخو والدكتور يعقوب صروف وغيرهما. والآن ننعي لقرائنا مع الأسف الشديد الصحفي المصري القديم الأستاذ محمود سلامة صاحب جريدة (الواعظ) وقد مات قتيلا بفأس شرير في ريف مصر. وكان الفقيد كاتبا بليغا. وشاعرا مقلا مجيدا، ومربيا فاضلا. ومن مأثور نظمه قوله:
ما توانى عن الحبيب كتابي ... لسلو أو رغبة عن هواه
إنما كلما كتبت رقيما ... سقط الدمع فوقه فمحاه
رحمه الله رحمة واسعة.
14 - الدجل في الأدب
لما بدأنا ننقد (ديوان العقاد) كنا نحسب أن صاحبه أول من يرحب بهذا النقد كيفما كانت قيمته، لأننا وجهنا به أنظار الكثيرين من المتأدبين في العراق إلى ديوانه، ووسعنا لهذا النقد موطنا وافيا على قدر الامكان، واتبعنا كعادتنا لهجة معتدلة يشهد بها كل منصف خالي الغرض فذكرنا له حسناته، وآخذناه على سقطاته، تحذيرا لسواه وتنبيها له ايضا، وما تشددنا في مواضع إلا أملا في إصلاحه، وإلا فما كان أهون علينا إغفاله كما أغفلته صحف ومجلات أخرى هي أعرف منا بدجله وشعوذته، وباتخاذه العظمة مركبا له وتحايله على الشهرة بالشذوذ والسباب والغطرسة ونحو ذلك. . . فلما تهجم علينا بهزءه الشائن ومهاترته التي يحسبها نوعا من المهارة لم نجد مطلقا عن جادة الحق، وآثرنا أن نرد أباطيله بالحجة
القوية على السكوت، دفعا لدجله ومغالطته التي هي أسوأ ما عرفناه في هذا العصر لكاتب عربي معروف يدعي إنه شاعر كبير أيضاً!
والمطلع على الصحافة المصرية لن يجد أي مشقة في معرفة قيمة العقاد الحقيقية بين أبناء وطنه الذين يعرفون إنه مصاب بنوع من جنون العظمة، فيهزءون منه إلى حد إشفاقهم عليه، حتى يتجاوز هو حدود السكوت عنه وحينئذ لا يرون مفرا من ردعه. وقد اشتهر العقاد بالدجل السياسي في كتابته، وهو عين ما يتبعه الآن في أدبه الذي لا يمثل الجديد منه إلا ما ينهبه من الأدب الأوربي بعد شيء من التحوير والسفسطة.
وقد نشرنا بعنوان (الفردية في الأدب) مقالا سديدا للأستاذ جورج فرح صاحب مجلة (المهذب) الغراء يغنينا عن أي تعليق عليه لهداية من تعوزه الهداية، ونختم هذه النبذة بكلمة عن العقاد في جريدة (السياسة) المؤرخة في 30 أغسطس سنة 1928، وهي أوسع الصحف المصرية الصميمة انتشارا. قالت بعد كلام: (. . . رجل وقح سليط اللسان، كل تاريخه منحصر في الإساءة لكل من أحسن إليه يوما

الصفحة 799