كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 8)

أن جلب الرحل (بضم الجيم) معناه حنو أو ما انحنى منه المحني منه (راجع المخصص 15: 75 إلى 99) وسمي عداً لان أيامه معدودة أي سنة يسميه كثيرون حب السنة والفرس سالك وهي منحوتة من (سال يك) أي سنة واحدة.
وأما سبب تسمية هذه الحبة بالوحص، فلأن الوحص لغة في الوهص والوحص والوهص والوهس والوهز واحد، وهو شدة الغمز على ما ذكره صاحب اللسان، وسبب هذه التسمية واضح لان هذه الحبة تبقى أثراً في الجلد على ما هو مشهور عنها. أما النفاطير أو التفاطير فقد صرح الشارح بقوله: (هي البثر الذي يخرج في وجه الغلام والجارية. قال
الشاعر:
نفاطير الجنون بوجه سلمى ... قديماً لا تفاطير الشباب
والبثر عند الأقدمين من السلف لم يكن محصوراً بمعنى التنفط، بل ورد عندهم بمعنى الورم والدمل والخراج والقرح، أي أن معناه كان واسعاً. وعندنا شواهد على ذلك وإنما أهملناها لشهرتها وحرصاً على الوقت وتوفيراً للمكان في المجلة.
أما أن حبة الشرق (تكثر في اغلب البقاع التي يكثر فيها النخل) فينقضه وجودها في بلاد ليس فيها نخيل كدلهي وأصفهان وبنجاب وحلب إلى غيرها من الديار. وهناك ما هو بالعكس فان البصرة وثغور خليج فارس كثيرة النخل والحبة فيها مجهولة.
وتسمية الترك لهذه الحبة (خرما جيباني) بمعنى دمل التمر هو حديث الوضع. والدليل أن معجم الجمعية الطبية التركية الذي ذكرناه فويق هذا يقول (ص 117): (حلب جيباني ياخود حبه السنة) ولم يذكر ما ذكر حضرته. وفي المعجم الفرنسي التركي لا ندون ب. طنغر وكرقور سنابيان في المادة المذكورة: (قمعولهء حلب، حلب جيباني) ولم نجد من قال خرما جيباني ولعل ذلك في كلام بعض عوام الترك في الموصل وكركوك والسليمانية وأنحائها.
والبلحية بالحاء المهملة لا وجود لها في الكتب الطبية، فضلا عن كتب اللغة والأدب ووجودها في قانون ابن سينا من خطأ الطبع بلا أدنى شك إذ مطبوعات مصر مشهورة بكثرة السقط والوهم بخلاف ما يطبع اليوم. وابن سينا لم يعش في بلاد كان فيها التمر أو البلد حتى يرى الصلة الوهمية بين الحبة وما توهم إنها البلحية، إنما أبوه كان من بلخ ثم انتقل منها إلى بخاري. وبلخ يومئذ مشهورة بقرحة تعرف باسمها أي بلخية (بالباء الموحدة واللام والخاء المعجمة) فتسميته القرحة باسم المدينة التي كان يسمع عنها من أبيه شيئاً كثيراً هي اقرب إلى الحق من تسميتها بالبلحية ثم لو فرضنا أن ابن سينا وضع من عنده البلحية لسماها عوام مصر. ومثل ابن سينا لا يضع ألفاظاً يأخذها من السنة عوام مصر!!! على إننا نظن أن البلحية (بالحاء المهملة) خطأ بلا ريب، لان الناشر كان يفهم البلحية بالمهملة وما كان يفهم البلخية بالمعجمة. ولهذا طبعها بالصورة التي يعرفها ويسمعها. أما البلخية بالمعجمة التي هي اللفظ الصحيحة والتي لا غبار عليها كما تقف عليها في جوابنا
هذا فذكرها العرب وعلماؤهم منصوصاً عليها بالخاء المعجمة فأين النص الصريح من الاستنتاج

الصفحة 778