كتاب مجلة لغة العرب العراقية (اسم الجزء: 9)

فهذا نص واضح على وجود القطارة في صدر القصر على حد ما يرى في ديار الغرب، إذ كثيراً ما تقام الساعات الكبار في صدور الابنية، ولا سيما أبنية الحكومة. نعم أن (القطارة) اسم عام يشمل كل آلة تقطر الماء، على أن تخصيصها هنا بالساعة المائية أمر لا ينكر.
وصنعها يختلف في الشكل والهيئة والجرم والطول والعرض، إلا أن المبدأ الذي توضع عليه واحد. وقد وصف الغزالي صنع ساعة قطارة للصلاة. قال: (إن صندوق الساعات
التي بها نتعرف أوقات الصلوات يتركب من آلة على شكل اسطوانة، تحتوي مقداراً من الماء معلوماً. وآلة أخرى مجوفة موضوعة فبها فوق الماء، وخيط مشدود أحد طرفيه في هذه الآلة المجوفة، وطرفه الآخر في اسفل ظرف صغير موضوع فوق الآلة المجوفة، وفيه كرة، وتحته طاس، بحيث لو سقطت الكرة وقعت في الطاس وسمع طنينها. ثم يثقب اسفل الآلة الأسطوانية ثقباً بقدر معلوم ينزل الماء منه قليلا قليلا، فإذا انخفض الماء انخفضت الآلة المجوفة الموضوعة على وجه الماء، فامتد الخيط المشدود بها، فحرك الظرف الذي فيه الكرة تحريكا يقربه من الانتكاس إلى أن ينتكس، فتتدحرج منه الكرة وتقع في الطاس، وتطن، وعند انقضاء كل ساعة تقع واحدة.
وإنما يتقدر الفصل بين الوقتين خروج الماء وانخفاضه، وذلك بتقدير سعة الثقب الذي يخرج منه الماء. ويعرف ذلك بطريق الحساب فيكون نزول الماء بمقدار معلوم، بسبب تقدير سعة الثقب معلوم، ويكون أعلى الماء بذلك المقدار، ويتقدر به انخفاض الآلة المجوفة وانجرار الخيط المشدود بها. ويولد الحركة في الظرف الذي في الكرة. وكل ذلك يتقدر بتقدر سعته لا يزيد ولا ينقص. ويمكن أن يجعل وقوع الكرة في الطاس سبباً لحركة أخرى وتكون الحركة الأخرى سبباً لحركة ثالثة، وهكذا إلى درجات كثيرة حتى يتولد منها حركات عجيبة مقدرة بمقادير محدودة. وسببها الأول نزول الماء بقدر معلوم.) أهـ
ولم نجد مؤرخا عربياً قديماً ذكر هدية هرون الرشيد لقارله (هكذا اسمي المسعودي وابن الأثير وغيرهما شرلمان أي شارل الكبير أو قارله العظيم)

الصفحة 782