كتاب يقظة أولي الاعتبار

ولشيخنا وبركتنا القاضى مُحَمَّد بن على الشوكانى رَحمَه الله كتاب سَمَّاهُ الدُّرَر الفاخرة الشاملة على سَعَادَة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَهُوَ كتاب نَافِع جدا ينبغى لأهل الْعلم وَالدّين الِاشْتِغَال بِهِ ليسعدوا بِكُل سَعَادَة ويتجافوا عَن كل مُوجب للشقاوة
هَذَا وَنحن نَسْتَغْفِر الله تَعَالَى من كل ذَنْب زلت بِهِ الْقدَم أَو طَغى بِهِ الْقَلَم فى كتَابنَا هَذَا وفى سَائِر كتبنَا وَنَسْتَغْفِرهُ من أقوالنا الَّتِى لَا توافقها أَعمالنَا وَنَسْتَغْفِرهُ من كل علم وَعمل قصدنا بِهِ وَجهه الْكَرِيم ثمَّ خالطه غَيره وَمن كل نعْمَة أنعم بهَا علينا فاستعملناها فى مَعْصِيّة وَمن كل تَصْرِيح وتعريض بِنُقْصَان نَاقص وتقصير مقصر كُنَّا متصفين بِهِ وَمن كل خطره دعتنا إِلَى تصنع وتكلف تزينا للنَّاس فى كتاب سطرناه أَو علم أفدناه أَو استفدناه
ونرجوا بعد الاسْتِغْفَار من جَمِيع ذَلِك كُله لنا أَن نكرم بالمغفرة وَالرَّحْمَة والتجاوز عَن جَمِيع السَّيِّئَات ظَاهرا أَو بَاطِنا أَولا وآخرا فان الْكَرم عميم وَالرَّحْمَة وَاسِعَة والجود على أَصْنَاف الْخَلَائق فائض وَنحن خلق من خلق الله عز الله وَلَا وَسِيلَة لنا إِلَيْهِ إِلَّا فَضله وَكَرمه
وَقد قَالَ جَابر بن عبد الله مَا زَادَت حَسَنَاته على سيئاته يَوْم الْقِيَامَة فَذَلِك الذى يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَمن اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته يَوْم الْقِيَامَة فَذَلِك الذى يُحَاسب حسابا يَسِيرا وَمن زَادَت سيئاته على حَسَنَاته يَوْم الْقِيَامَة فَذَلِك الذى لَا يدْخل الْجنَّة وَإِنَّمَا شَفَاعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمن أوبق نَفسه وأثقل ظَهره بَعْدَمَا يَأْذَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ فى حق من شَاءَ
وَنَرْجُو من الله تَعَالَى أَن لَا يعاملنا بِمَا نستحقه ويتفضل علينا بِمَا هُوَ أَهله بمنه وسعة جوده وَرَحمته إِنَّه قريب مُجيب الدَّعْوَات

الصفحة 249