كتاب يقظة أولي الاعتبار
{الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ} أى مِمَّن يَسْتَحِقهَا من الطَّائِفَتَيْنِ
وَقَالَ تَعَالَى أُولَئِكَ الأغلال فى أَعْنَاقهم وَأُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ جمع غل بِالضَّمِّ وَهُوَ طوق من حَدِيد يَجْعَل فى الْعُنُق وتشد بِهِ الْيَد إِلَى الْعُنُق أى يغلون بهَا يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يُقَاد الْأَسير ذليلا بالغل وَقَالَ تَعَالَى {وعقبى الْكَافرين النَّار} أى لَيْسَ لَهُم عَاقِبَة وَلَا مُنْتَهى إِلَّا ذَلِك
وَقَالَ تَعَالَى {من وَرَائه جَهَنَّم} أى من بعده وَقيل من أَمَامه {ويسقى من مَاء صديد} أى مَا يسيل من الْجُلُود واللحوم وَهُوَ دم مختلط بقيح يسيل من جلد الْكَافِر ولحمه وَقَالَ مُجَاهِد هُوَ الْقَيْح وَالدَّم وَقَالَ القرظى هُوَ مَا يسيل من فروج الزناة يسقاه الْكَافِر {يتجرعه وَلَا يكَاد يسيغه} أى يبتلعه
وَعَن أَبى أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يقرب إِلَى فِيهِ فيكرهه فَإِذا أدنى مِنْهُ شوى وَجهه وَوَقعت فَرْوَة رَأسه فاذا شربه قطع أمعاءه حَتَّى يخرج من دبره يَقُول الله {وَسقوا مَاء حميما فَقطع أمعاءهم} وَقَالَ {وَإِن يستغيثوا يغاثوا بِمَاء كَالْمهْلِ يشوي الْوُجُوه بئس الشَّرَاب وَسَاءَتْ مرتفقا} أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَاسْتَغْرَبَهُ والنسائى وَابْن أَبى الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه والبيهقى وَأَبُو نعيم فى الْحِلْية
{ويأتيه الْمَوْت من كل مَكَان} أى من كل جِهَة من الْجِهَات السِّت أَو من كل مَوضِع من مَوَاضِع بدنه وَالْمرَاد بِالْمَوْتِ الْبلَاء الذى يُصِيب الْكَافِر فى النَّار سَمَّاهُ موتا لِشِدَّتِهِ {وَمَا هُوَ بميت} حَقِيقَة فيستريح وَقيل تعلق نَفسه فى حنجرته فَلَا تخرج من فِيهِ فَيَمُوت وَلَا ترجع إِلَى مَكَانهَا من جَوْفه فيحيا وَمثله قَوْله {لَا يَمُوت فِيهَا وَلَا يحيى} وَقيل مَا هُوَ بميت لتطاول شَدَائِد الْمَوْت
الصفحة 59
256