كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وجعل قصدَه مكفِّرًا لما سلف من الذنوب، ماحيًا للأوزار، حاطًّا للخطايا، كما في «الصحيحين» (¬١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أتى هذا البيت فلم يرفُث ولم يفسُق رجع كيوم ولدته أمه».
ولم يرضَ لقاصده من الثواب دون الجنة، ففي «السنن» (¬٢) من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تابِعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكِيرُ خبَثَ الحديد. وليس للحج المبرور ثواب دون الجنة». وفي «الصحيح» (¬٣) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما (¬٤) بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».
ولو لم يكن البلد الأمين خيرَ بلاده، وأحبَّها إليه، ومختارَه من البلاد= لما جعل عرصاتها مناسك لعباده، وفرَضَ عليهم قصدها، وجعل ذلك من آكد فروض الإسلام، وأقسم به في كتابه في موضعين منه فقال: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: ٣]، وقال تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} [البلد: ١]. وليس على وجه الأرض بقعة يجب على كلِّ قادر السعيُ (¬٥) إليها والطوافُ بالبيت الذي
---------------
(¬١) البخاري (١٨٢٠) ومسلم (١٣٥٠).
(¬٢) للترمذي (٨١٠) والنسائي (٢٦٣١)، وأخرجه أحمد (٣٦٦٩). صححه الترمذي وابن خزيمة (٢٥١٢) وابن حبان (٣٦٩٣).
(¬٣) في النسخ المطبوعة: «الصحيحين». والحديث أخرجه البخاري (١٧٧٣) ومسلم (١٣٤٩).
(¬٤) ع، ك: «ما».
(¬٥) ص، ج: «السفر».

الصفحة 23