كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} (¬١) [هود: ٧٠ - ٧١] فمحال أن يبشِّرهما بأنه يكون له ولد ثم يأمره بذبحه. ولا ريب أن يعقوب داخل في البشارة، فتناولُ البشارة لإسحاق ويعقوب في اللفظ واحدةٌ (¬٢)، هذا ظاهر الكلام وسياقه.
فإن قيل: لو كان الأمر كما ذكرتموه لكان «يعقوب» مجرورًا عطفًا على إسحاق، فكانت القراءة {إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (٧١)} (¬٣) [هود: ٧١]، أي ويعقوبَ من وراء إسحاق. «يعقوبَ»، أي وبيعقوب من وراء إسحاق (¬٤).
قيل: لا يمنع الرفعُ من أن يكون يعقوب مبشَّرًا به، لأن البشارة قول مخصوص، وهي أول خبر سارٍّ صادق. وقوله: {إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} جملة متضمنة لهذه القيود، فتكون بشارةً، بل حقيقة البشارة هي الجملة الخبرية. ولما كانت البشارة قولًا كان موضع هذه الجملة نصبًا على الحكاية بالقول، كأن المعنى: وقلنا لها: من وراء إسحاق يعقوبُ. والقائل إذا قال: بشَّرتُ فلانًا بقدوم أخيه، وثَقَلُه في أثره، لم يُعقَل منه إلا البشارةُ بالأمرين
---------------
(¬١) كذا ضبط «يعقوب» في ج بالضم على قراءة أبي عمرو، وعليها ينبني الإيراد الآتي وجوابه.
(¬٢) كذا في الأصول ما عدا مب، ن وقد محا بعضهم التاء في ص، ع. وفي ق بخط متأخر: «لفظ واحد» يعني: فتناوَلَ البشارةَ، وقوله: «واحدة» خبر المضاف إليه «البشارة».
(¬٣) وهي قراءة حفص وحمزة وابن عامر. واختلف في إعراب «يعقوب» بين الجر بالعطف والنصب على موضع «بإسحاق» أو بفعل مضمر دلَّ عليه الكلام، ورجَّح هذا الوجه أبو علي. انظر: «الحجة للقراء السبعة» (٤/ ٣٦٤ - ٣٦٧).
(¬٤) هكذا السياق في ص. ولم يرد في ج «يعقوب، أي وبيعقوب ... إسحاق». ولم يرد في غيرها: «أي ويعقوبَ من وراء إسحاق يعقوبَ».

الصفحة 55