كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ولا خلاف أن أمه ماتت بين مكة والمدينة بالأبواء منصرَفَها من المدينة من زيارة أخواله، ولم يستكمل إذ ذاك سبع سنين (¬١).
فكفله جدُّه عبد المطَّلب. وتوفي ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو ثمان سنين. وقيل: ستّ، وقيل: عشر (¬٢).
ثم كفله عمُّه أبو طالب، واستمرَّت كفالته له. فلما بلغ ثنتي عشرة سنةً خرج به عمُّه إلى الشام، وقيل: كان سنُّه تسع سنين. وفي هذه الخرجة رآه بَحِيرا الراهب وأمر عمَّه أن لا يقدَمَ به إلى الشام خوفًا عليه من اليهود، فبعثه عمُّه مع بعض غلمانه إلى المدينة (¬٣).
ووقع في «كتاب الترمذي» (¬٤) وغيره أنه بعث معه بلالًا. وهو من الغلط
---------------
(¬١) انظر الخلاف في ذلك في «مختصر ابن جماعة» (ص ٢٧).
(¬٢) ما عدا ج، مب، ن: «عشرة».
(¬٣) كذا في جميع الأصول والطبعات القديمة، وهو سهو صوابه: «مكة» كما في طبعة الشيخ الفقي ومنها في طبعة الرسالة.
(¬٤) برقم (٣٦٢٠)، وأخرجه ابن أبي شيبة (٣٧٦٩٦) والبزار (٨/ ٩٧) والحاكم (٢/ ٦١٥) والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٢٤). تفرد به عبد الرحمن بن غزوان الملقب بقَرَّاد، ثقة له أفراد، وفي متنه نكارة. نقل البيهقي عن العباس الدوري أنه قال: «ليس في الدنيا مخلوق يحدث به غير قراد ... »، وبنحوه قال الترمذي والبزار، وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: «أظنه موضوعًا، وبعضه باطل». وقال ابن سيد الناس في «عيون الأثر» (١/ ٥٥): «ليس في إسناد هذا الحديث إلا من خرج له في الصحيح ... ، ومع ذلك ففي متنه نكارة».
وذكر الذهبي أوجه النكارة قائلًا: «تفرد به قراد، ... ، وهو حديث منكر جدًّا؛ وأين كان أبو بكر، كان ابن عشر سنين؟ فإنه أصغر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنتين ونصف، وأين كان بلال في هذا الوقت؟ فإن أبا بكر لم يشتره إلا بعد المبعث، ولم يكن وُلِد بعد ... ». انظر: «تاريخ الإسلام» (١/ ٥٠٣).

الصفحة 60