كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

أحدها: أنّ قوله: «ما أنا بقارئ»، صريح في أنه لم يقرأ قبل ذلك شيئًا.
الثاني: أنّ الأمر بالقراءة في الترتيب قبل الأمر بالإنذار، فإنه إذا قرأ في نفسه أنذر ما قرأه؛ فأمره بالقراءة أولًا، ثم بإنذار ما (¬١) قرأه ثانيًا.
الثالث: أن حديث جابر وقوله: «أول ما أنزل الله عليه من القرآن {رَحِيمٌ (٢٠)}» قول جابر، وعائشة أخبرت عن خبره - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه بذلك.
الرابع: أن حديث جابر الذي احتجَّ به صريح في أنه قد تقدَّم نزولُ الملك عليه أولًا قبل نزول {رَحِيمٌ (٢٠)} فإنه قال: «فرفعتُ رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء. فرجعت إلى أهلي، فقلت: زمِّلوني، دثِّروني؛ فأنزل الله {رَحِيمٌ (٢٠)}». وقد أخبر أن الملك الذي جاءه بحراء أنزل عليه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}. فدلَّ حديث جابر على تأخُّرِ نزول «المدثر» (¬٢)، والحجة في روايته، لا في رأيه. والله أعلم.

فصل في ترتيب الدعوة
ولها مراتب: المرتبة الأولى: النبوة.
الثانية: إنذار عشيرته الأقربين.
الثالثة: إنذار قومه.
---------------
(¬١) كذا في الأصول والطبعات القديمة. وفي طبعة الفقي: «أنذر بما قرأه ... ثم بالإنذار بما»، وقد تصرَّف كعادته دون تنبيه. في «الصحاح» (نذر): «الإنذار: الإبلاغ، ولا يكون إلا في التخويف»، فقول المصنف: «أنذر ما قرأه» أي أبلغه على وجه التخويف. وكذا قوله: «ثم بإنذار ما قرأه» أي: إبلاغه.
(¬٢) ك، ع، مب، ن: «يا أيها المدثر».

الصفحة 71