كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

حيث جعل الأمرَ بالعكس، وأن اسمه في التوراة أحمد (¬١).
وأما أحمد، فهو اسم على زنة أفعل التفضيل مشتقٌّ أيضًا من الحمد. وقد اختلف الناس فيه هل هو بمعنى فاعل أو مفعول؟ فقالت طائفة: هو بمعنى الفاعل، أي حمدُه لله أكثرُ من حمدِ غيره له، فمعناه: أحمد الحامدين لربِّه. ورجَّحوا هذا القول بأن قياس أفعل التفضيل أن يصاغ من فعل الفاعل، لا من الفعل الواقع على المفعول.
قالوا: ولهذا لا يقال: ما أضرَب زيدًا، ولا زيد أضرَبُ من عمرٍو، باعتبار الضرب الواقع عليه؛ ولا: ما أشرَبَ الماءَ، وآكَلَ الخبزَ (¬٢)، ونحوه. قالوا: لأن أفعل التفضيل وفعل التعجب إنما يصاغان من الفعل اللازم، ولهذا يقدَّر نقلُه من فعَل وفعِل المفتوح العين والمكسورها (¬٣) إلى فعُل المضموم العين. قالوا: ولهذا يعدَّى بالهمزة إلى المفعول، فهمزته للتعدية، كقولك: ما أظرف زيدًا، وأكرم عمرًا، وأصلهما من ظرُف وكرُم. قالوا: لأن المتعجَّب منه فاعل في الأصل، فوجب أن يكون فعلُه غير متعدٍّ.
قالوا: وأما نحو: ما أضرب زيدًا لعمرو، فهو منقول من فعَل المفتوح [العين] (¬٤) إلى فعُل المضموم العين، ثم عُدِّي والحالة هذه بالهمزة. قالوا:
---------------
(¬١) انظر: «الروض» (٢/ ١٥٢ - ١٥٤) وقد سبقه إلى ذلك القاضي عياض. انظر: «فتح الباري» (٦/ ٥٥٥).
(¬٢) هكذا كان في ص ــ وهو الصواب ــ فغيَّره بعضهم إلى «أشربه» و «آكله» كما في ج. وفي ك، ع مع زيادة الهاء: «الماءَ» و «للخبز». وفي ق، مب، ن: «للماء» و «للخبز».
(¬٣) حذفت الألف واللام في الطبعة الميمنية وما بعدها مع ثبوتها في الهندية.
(¬٤) ما بين الحاصرتين زِيد في ن تحت السطر مع علامة صح.

الصفحة 76