كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

الأنصار والسورة مدنية، وحينئذٍ فابنُ مسعود سلَّم عليه لما قدم وهو في الصلاة فلم يردَّ عليه حتى سلَّم (¬١) وأعلمه بتحريم الكلام، فاتفق حديثه وحديث زيد بن أرقم.
قيل: يُبطل هذا شهودُ ابن مسعود بدرًا، وأهل الهجرة الثانية إنما قَدِموا عام خيبر مع جعفر وأصحابه، ولو كان ابن مسعود ممن قدم قبل ذلك (¬٢) لكان لقدومه ذِكر، ولم يَذكر أحد قدومَ مهاجري الحبشة إلا في القَدْمة الأولى بمكة والثانيةِ عامَ خيبر مع جعفر، فمتى قدم ابنُ مسعود في غير هاتين المرّتين (¬٣)؟
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال ابن إسحاق، قال (¬٤): وبلغ أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين خرجوا إلى أرض الحبشة إسلامُ أهل مكة فأقبلوا، فلمَّا بلغهم أن إسلام أهل مكة كان باطلًا لم يدخل أحد منهم (¬٥) إلا بجوار أو مستخفيًا. وكان ممن قدم منهم فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة فشهد بدرًا وأُحُدًا ... فذكر منهم عبد الله بن مسعود.
فإن قيل: فما تصنعون بحديث زيد بن أرقم؟ قيل: قد أجيب عنه بجوابين:
---------------
(¬١) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاته، وفي م، ق، ك، ع: «حين سلَّم» أي ابن مسعود.
(¬٢) ص، ز، ج، ن: «قبل بدرٍ».
(¬٣) ص، ز، ج، ن، الطبعة الهندية: «ومع من» بدل «المرتين»، والمثبت من سائر الأصول، وكتب عليه «صح» في م. وفي طبعة الرسالة أُثبت كلاهما.
(¬٤) «قال» ليست في ص، ز، ق. وانظر لقوله: «سيرة ابن هشام» (١/ ٣٦٤ - ٣٦٦).
(¬٥) م، ب: «منهم أحد».

الصفحة 30