كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
واختلف الصحابة: هل رأى ربه تلك الليلة أم لا؟ فصح عن ابن عباس أنه رأى ربه (¬١)، وصح عنه أنه قال: رآه بفؤاده (¬٢).
وصح عن عائشة وابن مسعود إنكار ذلك، وقالا: إن قوله: {وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: ١٣] إنما هو جبريل (¬٣).
وصحّ عن أبي ذر أنه سأله: هل رأيت ربك؟ فقال: «نور أنى أراه؟»، أي: حال بيني وبين رؤيته النورُ، كما قال في اللفظ الآخر: «رأيت نورًا» (¬٤).
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي (¬٥) اتفاق الصحابة على أنه لم يره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ــ قدَّس الله روحه ــ (¬٦): وليس قول ابن عباس: «إنه رآه» مناقضًا لهذا، ولا قوله «رآه بفؤاده»؛ وقد صح عنه أنه قال: «رأيت ربي تبارك وتعالى»، ولكن لم يكن هذا في الإسراء، ولكن كان بالمدينة لما احتبس عنهم في صلاة الصبح ثم أخبرهم عن رؤية ربِّه (¬٧) تبارك
---------------
(¬١) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٢٤٦٣) والنسائي في «الكبرى» (١١٤٧٣) وعبد الله بن أحمد في «السنة» (٥٤٧) وغيرهم من طرق عنه.
(¬٢) أخرجه مسلم (١٧٦) من طريقين عنه، ولفظ أحدهما: «رآه بقلبه».
(¬٣) أخرجه البخاري (٣٢٣٢ - ٣٢٣٥) ومسلم (١٧٤، ١٧٧) عنهما، وأخرجه مسلم (١٧٥) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أيضًا.
(¬٤) أخرجهما مسلم في «صحيحه» (١٧٨/ ٢٩١، ٢٩٢).
(¬٥) في «الرد على الجهمية» (ص ١٤٤).
(¬٦) «ابن تيمية قدس الله روحه» ليس في م، ق، ب، ك، ع. انظر: «مجموع الفتاوى» (٦/ ٥٠٩) و «منهاج السنة» (٥/ ٣٨٤ - ٣٨٧) و «مسألة في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربّه» ضمن «جامع المسائل» (١/ ١٠٣ - ١٠٨).
(¬٧) «ربّه» ساقط من ق. وفي ز: «رؤيته تبارك وتعالى».