كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

فصل
في مبدأ الهجرة التي فرق الله فيها بين أوليائه وأعدائه،
وجعلها مبدأً لإعزاز دينه، ونصَرَ عبدَه ورسوله (¬١)
قال الزهري (¬٢): حدثني محمد بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان وغيرهما قالوا: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة ثلاث سنين من أول نبوته مستخفيًا، ثم أعلن في الرابعة، فدعا الناس إلى الإسلام عشر سنين يوافي الموسم كلَّ عام يتبع الحاجَّ في منازلهم، وفي المواسم (¬٣) بعُكاظ ومَجَنَّة وذي المجاز؛ يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلِّغ رسالات ربِّه ولهم الجنة، فلا يجد أحدًا ينصره ولا يجيبه، حتى إنه لَيسأل عن القبائل ومنازلها قبيلةً قبيلةً ويقول: «يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله، تفلحوا وتَمْلِكوا بها العرب
---------------
(¬١) ص، ز: «ونُصرةِ رسوله»، واستدرك «عبده» في هامش ز.
(¬٢) في الأصول عدا ج، ن: «الترمذي»، تصحيف، والمثبت منهما موافق لـ «سيرة الدمياطي» (ق ٣٤) وهو مصدر المؤلف. وهو وهم من الدمياطي، والصواب أن القائل هو الواقدي كما في «طبقات ابن سعد» (١/ ١٨٤). ومنشأ الوهم ــ والله أعلم ــ أن ابنَ سعد روى الخبر عن شيخه الواقدي بعدة أسانيد له، فقال: «أخبرنا محمد بن عمر [الواقدي] قال: حدثني أيوب بن النعمان عن أبيه عن عبد الله بن كعب بن مالك (ح) قال: وحدثنا محمد بن عبد الله عن الزهري (ح) قال: وحدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان، وغير هؤلاء أيضا قد حدثني، قالوا: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ». فللواقدي ثلاثة أسانيد للخبر، وهي مفصولة بـ (ح) التحويل، فلعل الحاء التي بعد الإسناد الثاني سقطت من النسخة التي نقل منها الدمياطي فتداخل الإسنادان هكذا: « ... عن الزهري قال: حدثني محمد بن صالح ... » إلخ.
(¬٣) ز، ع: «الموسم».

الصفحة 52