كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

فنتَّبعه ونقتلكم معه قتلَ عادٍ وإِرَم، وكان الأنصار يحجون البيت ــ كما كانت العرب تحجُّه ــ دون اليهود، فلما رأى الأنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس إلى الله وتأمَّلُوا أحوالَه قال بعضهم لبعض: تعلمون ــ واللهِ يا قومُ ــ أن هذا الذي تَوَعَّدكم به يهود، فلا يَسبقُنَّكم إليه!
وكان سويد بن الصامت من الأوس قد قدم مكة فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يُبْعِد ولم يُجِب (¬١).
ثم قدم مكّة أنسُ بن رافع أبو الحَيْسَر في فِتيةٍ من قومه من بني عبد الأشهل يطلبون الحِلْف (¬٢)، فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، فقال إياس بن معاذ ــ وكان شابًّا حدثًا ــ: يا قومِ، هذا والله خير مما جئنا له، فضربه أبو الحيسر وانتهره فسكت، ثم لم يتمَّ لهم الحلف فانصرفوا إلى المدينة (¬٣).
فصل
ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي عند العقبة في الموسم ستة نفرٍ من الأنصار كلهم من الخزرج، وهم: أبو أمامة أسعد بن زُرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقُطْبة بن عامر، وعُقْبة بن عامر، وجابر بن عبد الله بن
---------------
(¬١) هذا والذي قبله أسنده ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٢٥، ٤٢٨) و «دلائل النبوة» (٢/ ٤١٩، ٤٣٣) ــ عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه.
(¬٢) أي مِن قريش ليوالوا الأوس ــ وبنو عبد الأشهل منهم ــ فينصروهم على أعدائهم من الخزرج.
(¬٣) أسنده ابن إسحاق ــ كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٢٧) و «الدلائل» (٢/ ٤٢٠) ــ بإسناد حسن عن محمود بن لَبِيد الأشهلي - رضي الله عنه -. والمؤلف صادر عن «جوامع السيرة» لابن حزم (ص ٦٩) هنا وفي الفقرة السابقة.

الصفحة 54