كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم؛ ولكم الجنة»، فقمنا نبايعه فأخذ بيده أسعدُ بن زُرارة ــ وهو أصغر السبعين ــ فقال: رويدًا يا أهل يثرب، إنّا لم نضرب إليه أكباد المَطيِّ إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وإن إخراجه اليوم مفارقةُ العرب كافَّةً وقَتْلُ خياركم وأن تَعَضَّكم السيوفُ، فإما أنتم تصبرون (¬١) على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من (¬٢) أنفسكم خيفةً فذروه، فهو أعذر لكم عند الله، فقالوا: يا أسعد أَمِطْ عنَّا يدك! فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها؛ فقمنا إليه رجلًا رجلًا فأخذ علينا يعطينا بذلك الجنة (¬٣).
ثم انصرفوا (¬٤) إلى المدينة وبعث معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أم مكتوم ومصعب بن عمير يُعلِّمان مَن أَسلَم منهم القرآن، ويدعوان إلى الله عز وجل،
---------------
(¬١) ص، ز، ج، ع: «أن تصبروا»، وهو لفظ ابن حبان، والمثبت من ق لفظ أحمد والبيهقي إلا أن عندهما زيادة «قوم» بعد «أنتم».
(¬٢) ص، ز: «على»، والمثبت هو لفظ المصادر، ويوضِّحه أن في بعض الروايات: «تخافون من أنفسكم جُبنًا» أو «جُبَينةً».
(¬٣) أخرجه أحمد (١٤٤٥٦، ١٤٦٥٣) وابن حبان (٦٢٧٤) والحاكم (٢/ ٦٢٤) والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٤٤٢) من حديث ابن خُثيم عن أبي الزبير به، قال الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (٤/ ٣٩٩): هذا إسناد جيّد على شرط مسلم، وحسَّنه الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٧/ ٢٢٢).
وأخرجه أحمد (١٥١٩٢) وأبو داود (٤٧٣٤) والترمذي (٢٩٢٥) والحاكم (٢/ ٦١٢ - ٦١٣) من حديث سالم بن أبي الجعد عن جابر مختصرًا جدًّا. قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(¬٤) أي هؤلاء الاثنا عشر الذين بايعوه بيعة العقبة الأولى، المذكور خبرهم قبل حديث جابر السابق.

الصفحة 57