كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

قال ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فأُمِر بالهجرة وأُنزِل عليه: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} [الإسراء: ٨٠] (¬١).
قال قتادة: أخرجه الله من مكة إلى المدينة مُخْرَجَ صدقٍ (¬٢). ونبيُّ الله يعلم أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل الله سلطانًا نصيرًا، وأراه الله عز وجل دار الهجرة وهو بمكة، فقال: «أُرِيت دارَ هجرتكم سَبْخةً ذاتَ نخلٍ بين لابتين» (¬٣).
وذكر الحاكم في «صحيحه» (¬٤) عن علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لجبريل: «من يهاجر معي؟» قال: أبو بكر الصديق.
قال البراء: أول من قدم علينا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مصعبُ بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يُقرئان الناس القرآن، ثم جاء عمَّار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبًا، ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (١٩٤٨) والترمذي (٣١٣٩) والحاكم (٢/ ٢٤٣) وصححه، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(¬٢) أخرجه الطبري (١٥/ ٥٥).
(¬٣) أخرجه البخاري (٢٢٩٧) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(¬٤) (٣/ ٥) وقال: صحيح الإسناد والمتن. قلتُ: كذا قال مع أن شيخه فيه أبو أحمد علي بن محمد بن عبد الله المروزي، وقد قال عنه هو نفسه لمَّا سئل عنه ــ كما في «لسان الميزان» (٦/ ٢٢) ــ: هو أشهر في اللِّين من أن تسألني عنه، وقال أيضًا: كان يكذب. وقال الدارقطني كما في «سؤالات السهمي» (٤٠٧): ضعيف جدًّا. وله طريقان آخران عند ابن عدي في «الكامل» (٦/ ٢٨٩) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٣٨/ ١٦٨) لكنّهما أيضًا واهيان.

الصفحة 74