كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

بجدالهم بالتي هي أحسن في السور المكية والمدنية (¬١)، وأمره أن يدعوهم بعد ظهور الحجة إلى المباهلة. وبهذا قام الدين، وإنما جُعل السيف ناصرًا للحجة، وأعدل السيوف سيفٌ ينصر حجج الله وبيناتِه، وهو سيف رسوله وأمته.
فصل
ومنها: أن مَن عظَّم مخلوقًا فوق منزلته التي يستحقها بحيث أخرجه عن منزلة العبودية المحضة، فقد أشرك بالله وعبَدَ مع الله غيره، وذلك مخالف لجميع دعوة الرسل.
وأما قوله: إنه - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى نجران: «باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب»، فلا أظن ذلك محفوظًا، وقد كتب إلى هرقل: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وهذه كانت سنته في كتبه إلى الملوك كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقد وقع في هذه الرواية هذا، وقال: «وذلك قبل أن يُنزل الله عليه (¬٢): (طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين (¬٣))» (¬٤). وذلك غلط على غلط، فإن هذه
---------------
(¬١) سواءٌ كان الأمر باللفظ الصريح كقوله تعالى في سورة النحل ــ وهي مكية ــ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [١٢٥]، أو كان متضمِّنًا في الحجج التي أرشد الله رسوله وأمته إليها ليخاطبوا بها الكفار ويجادلوهم بها.
(¬٢) ث، س، المطبوع: «أن يَنزل عليه».
(¬٣) ف، د، ث: «آيات القرآن المبين»، سهو.
(¬٤) أي قبل أن تنزل عليه سورة النمل التي فيها قوله تعالى: {الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا} [٢٩ - ٣٠].

الصفحة 811