كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
كان بعد ذلك فصدقةٌ، ولا يحلُّ للضيف أن يقيم عندك فيُحْرِجَك».
قال: يا رسول الله، أرأيت الضالة من الغنم أجدها في الفلاة من الأرض؟ قال: «لك أو لأخيك أو للذئب»، قال: فالبعير؟ قال: «ما لك وله؟! دَعْه حتى يجده صاحبه» (¬١).
قال رويفع: ثم قاموا فرجعوا إلى منزلي، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي منزلي يحمل تمرًا فقال: «استعن بهذا التمر»، وكانوا يأكلون منه ومن غيره، فأقاموا ثلاثًا ثم ودَّعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأجازهم ورجعوا إلى بلادهم (¬٢).
فصل
وفي هذه القصة من الفقه: إن للضيف حقًّا على من نزل به، وهو ثلاث مراتب: حقٌّ واجب، وتمام مستحب، وصدقة من الصدقات. فالحق الواجب يوم وليلة. وقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - المراتب الثلاثة في الحديث المتفق على صحته (¬٣) من حديث أبي شُرَيحٍ الخُزاعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرِمْ ضيفَه جائزتَه»، قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: «يومُه وليلته، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يَثْوِي عنده حتى يُحْرِجَه».
---------------
(¬١) هذه الفقرة لها شاهد من حديث زيد بن خالد الجُهني عند البخاري (٩١) ومسلم (١٧٢٢).
(¬٢) أسنده ابن سعد (١/ ٢٨٥) عن الواقدي بإسناده إلى رويفع بن ثابت مختصرًا. وهو في «الاكتفاء» (١: ٢/ ٣٤٢) و «عيون الأثر» (٢/ ٢٥٢) بطوله.
(¬٣) البخاري (٦٠١٩، ٦١٣٥) ومسلم (٤٨).