كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

السباع ونحن أحوج إليها من السباع، فجاءنا الغيث من ساعتنا، ولقد رأينا العُشب يواري الرجال، ويقول قائلنا: أنعم علينا عم أنس.
وذكروا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يقسمون لصنمهم هذا من أنعامهم وحروثهم، وأنهم كانوا يجعلون من ذلك جزءًا له وجزءًا لله بزعمهم قالوا: كنا نزرع الزرع فنجعل له وسطَه فنسمِّيه له ونسمِّي زرعًا آخر حَجْرةً (¬١) لله، فإذا مالت الريح فالذي سمينا لله جعلناه لعم أنس، وإذا مالت الريح فالذي جعلناه لعم أنس لم نجعله لله، فذكر لهم (¬٢) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله أنزل عليه في ذلك {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا ... } الآية [الأنعام: ١٣٦]. قالوا: وكنا نتحاكم إليه فنُكَلَّم (¬٣)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تلك الشياطين تكلمكم».
وسألوه عن فرائض الدين فأخبرهم، وأمرهم بالوفاء بالعهد وأداء الأمانة وحُسنِ الجوار لمن جاوروا، وأن لا يظلموا أحدًا، قال: «فإن الظلم ظلمات يوم القيامة». ثم ودَّعوه بعد أيام وأجازهم فرجعوا إلى قومهم، فلم يحلُّوا عقدةً حتى هدموا عم أنس (¬٤).
---------------
(¬١) أي: ناحيةً.
(¬٢) في جميع الأصول عدا ف: «له»، وكذا كتب في أولًا ثم أُصلح إلى المثبت الموافق لمصدر النقل.
(¬٣) ز، س، والنسخ المطبوعة: «فيتكلَّم». والمثبت من سائر الأصول موافق لمصدر المؤلف.
(¬٤) «الاكتفاء» (١: ٢/ ٣٤٩) و «عيون الأثر» (٢/ ٢٥٣). وهو عند ابن سعد (١/ ٢٨٠) عن الواقدي عمّن حدثه مِن أهل العلم، مختصرًا.

الصفحة 837