كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

فصل
في قدوم وفد صُداءٍ في سنة ثمان
وقدم عليه - صلى الله عليه وسلم - وفد صداء (¬١)، وذلك أنه لما انصرف من الجعرانة بعث بعوثًا، وهيَّأ بعثًا استعمل عليهم قيس بن سعد بن عبادة، وعقد له لواءً أبيض ودفع إليه رايةً سوداء وعسكر بناحية قناةَ (¬٢) في أربعمائة من المسلمين وأمره أن يطأ ناحيةً من اليمن كان فيها صُداءٌ.
فقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل منهم، وعلم بالجيش فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، جئتك وافدًا على (¬٣) من ورائي، فاردد الجيش وأنا لك بقومي، فردَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيس بن سعد من صدرِ قناةَ، وخرج الصُّدائي إلى قومه، فقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة عشر رجلًا منهم، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله، دعهم ينزلوا عليَّ، فنزلوا عليه فحياهم وأكرمهم وكساهم، ثم راح بهم إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فبايعوه على الإسلام وقالوا: نحن لك على مَن وراءنا مِن قومنا، فرجعوا إلى قومهم ففشا فيهم الإسلام، فوافى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم مائة رجل في حجة الوداع. ذكر هذا الواقدي (¬٤) عن بعض بني المصطلق.
وذكر (¬٥) من حديث زياد بن الحارث الصُّدائي أنه الذي قدم على
---------------
(¬١) صُداء بطن من مَذْحِج. «جمهرة أنساب العرب» (ص ٤٧٧).
(¬٢) هو الوادي الذي بين المدينة وأحد، وقد سبق التعريف به.
(¬٣) ف: «عن». والمثبت من سائر الأصول موافق لمصدر النقل.
(¬٤) وعنه ابن سعد (١/ ٢٨٢) مختصرًا. والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (٢/ ٢٥٥).
(¬٥) أي: الواقدي ــ وعنه ابن سعد (١/ ٢٨٢) مختصرًا ــ عن سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، عن زياد بن نُعَيم، عن زياد بن الحارث الصدائي. وأخرجه أيضًا الطبراني في «الكبير» (٥/ ٢٦٢) وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (٣٠٤١ - ٣٠٤٣) والبيهقي في «الدلائل» (٥/ ٣٥٥) من طرق عن عبد الرحمن الإفريقي به مطوَّلًا بنحوه. وأخرجه أحمد (١٧٥٣٨) وأبو داود (٥١٤) والترمذي (١٩٩) من طرق عن الإفريقي به مقتصَرًا على قصة الإقامة وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أذَّن فهو يقيم». قال الترمذي: «لا نعرفه إلا من حديث الإفريقي، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ورأيت محمد بن إسماعيل البخاري يُقوِّي أمره ويقول: هو مقارب الحديث». اهـ باختصار وتصرُّف.

الصفحة 839