كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)
الذين مع ربك عز وجل، فأصبح ربك عز وجل يطوف في الأرض وخلت عليه البلاد، فأرسل ربُّك السماءَ بهَضْبٍ من عند العرش، فلعَمْرُ إلهِك ما تدع على ظهرها من مَصْرَعِ (¬١) قتيلٍ ولا مَدْفَنِ ميتٍ إلا شَقَّت القبرَ عنه حتى تُخْلِفَه (¬٢) من عند رأسه فيستوي جالسًا، فيقول ربك: مهيم؟ لِما كان فيه، يقول: يا ربِّ أمسِ، اليومَ؛ لعهده بالحياة يحسبه حديثًا بأهله»، فقلت: يا رسول الله، فكيف يجمعنا بعد ما تُمزِّقنا الرياحُ والبلى والسباع؟ قال: «أنبئك بمَثَل ذلك في آلاء الله: الأرضُ، أشرفتَ عليها وهي مَدَرةٌ بالية فقلت: لا تحيا أبدًا، ثم أرسل الله عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أيامًا حتى أشرفت عليها وهي شَرَْبة (¬٣) واحدة، ولعَمْرُ إلهِك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض؛ فتخرجون من الأَصْواءِ (¬٤) ومن مصارعكم فتنظرون إليه وينظر إليكم».
قال: قلت: يا رسول الله, كيف ونحن ملءُ الأرض وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظر إليه؟ قال: «أنبئك بمَثَل هذا في آلاء الله: الشمس والقمر آية
---------------
(¬١) ف، د: «مفزع»، تصحيف.
(¬٢) ضبط بالقاف في عامّة الأصول ومصادر التخريج. وفي «المسند»: «تجعله». والمثبت موافق لما سيذكره المؤلف من تفسير الغريب في هذا الحديث.
(¬٣) كذا جاء مضبوطًا في ف، وكُتب فوقه «معًا» للإشارة إلى أنه يصحُّ ضبطه على الوجهين بفتح الراء وسكونها. وسيأتي تفسير المؤلف له عقب الحديث ..
(¬٤) في هامش ف: «هي القبور». والأصواء والصُّوى في الأصل: الأعلام من الحجارة تُنصب ليُستدل بها على الطرق أو كعلاماتٍ على القبور، واحدها: صُوَّة.