كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

الناس في الأولى والآخرة»، فقال له كعب بن الخُداريّة أحد بني بكر بن كلاب: من هم يا رسول الله؟ قال: «بنو المنتفق بنو المنتفق بنو المنتفق، أهلُ ذلك منهم».
قال: فانصرفنا وأقبلتُ عليه فقلت: يا رسول الله, هل لأحدٍ ممن مضى من خير في جاهليتهم؟ فقال رجل من عُرْضِ قريش: والله إن أباك المنتفق لفي النار! قال: فكأنه وقع حرٌّ بين جلد وجهي ولحمه مما قال لأبي على رؤوس الناس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول الله؟ ثم إذا الأخرى أجمل فقلت: يا رسول الله وأهلك؟ قال: «وأهلي لعَمْرُ الله، ما أتيت عليه من قبرِ عامريٍّ أو قرشي أو دوسيٍّ (¬١) قل: أرسلني إليك محمد فأبْشِرْ بما يسوءُك: تُجَرُّ على وجهك وبطنك في النار» (¬٢). قال: قلت: يا رسول الله, وما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه، وكانوا يحسبون أنهم مصلحون؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: «ذلك بأن الله بعث في آخر كل سبعِ أُمَمٍ نبيًّا، فمن عصى
---------------
(¬١) زِيد في ز بعده: «من مشرك»، وفي المطبوع أثبت ذلك مكان «أو دوسي»، وهو لفظ «المسند» وغيره، ولم أجد ذكر الدوسي في شيء من روايات الحديث.
(¬٢) هذا له شاهد من حديث الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي كان يصل الرحم، وكان وكان، فأين هو؟ قال: «في النار»، فكأنَّ الأعرابي وجد من ذلك فقال: يا رسول الله فأين أبوك؟ قال: «حيث ما مررتَ بقبر كافر فبشِّرْه بالنار». أخرجه البزَّار (١٠٨٩) والطبراني في «الكبير» (١/ ١٤٥) والبيهقي في «الدلائل» (١/ ١٩١) والجورقاني في «الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير» (٢١٣) والضياء في «المختارة» (٣/ ٢٠٤). قال الجورقاني: «هذا حديث صحيح»، ولكن أبا حاتم والدارقطني رجَّحا رواية مَن رواه عن الزهري مرسلًا. انظر «العلل» لابن أبي حاتم (٢٢٦٣) والدارقطني (٦٠٧).

الصفحة 856