كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وحقق - صلى الله عليه وسلم - وقوع الرؤية عيانًا برؤية الشمس والقمر تحقيقًا لها ونفيًا لتوهُّم المجاز الذي يظنه المعطِّلون.
وقوله: «فيأخذ ربك بيده غرفةً من الماء فينضح بها قِبَلكم» فيه إثبات صفة اليد له سبحانه، وإثبات صفة الفعل الذي هو النضح. والريطة: الملاءة. والحُمَم: جمع حُمَمة وهي الفحمة.
وقوله: «ثم ينصرف نبيكم»، هذا انصراف من موقف القيامة إلى الجنة.
وقوله: «ويَفْرَق على أثره الصالحون» أي: يفزعون ويمضون على أثره.
وقوله: «فتطلعون على حوض نبيكم»، ظاهر هذا أن الحوض من وراء الجسر فكأنهم لا يصلون إليه حتى يقطعون (¬١) الجسر. وللسلف في ذلك قولان حكاهما القرطبي في «تذكرته» (¬٢) والغزالي (¬٣) وغلَّطا من قال: إنه بعد الجسر. وقد روى البخاري (¬٤) عن أبي هريرة. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا أنا قائم على الحوض إذا زُمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال لهم: هلُمَّ، فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى النار واللهِ، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم فلا أراه يَخْلُص منهم إلا مثل هَمَلِ النعم».
قال (¬٥): فهذا الحديث مع صحته أدل دليل على أن الحوض يكون في
---------------
(¬١) ث، س، والنسخ المطبوعة: «يقطعوا».
(¬٢) أي: «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» (٢/ ٧٠٣).
(¬٣) في «الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة» (ص ١١٧ - ١١٨).
(¬٤) برقم (٦٥٨٧).
(¬٥) أي القرطبي.

الصفحة 864