كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وتوفي النجاشي سنة تسعٍ، وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموته ذلك اليوم فخرج بالناس إلى المصلى فصلَّى عليه وكبر أربعًا (¬١).
قلت: وهذا وهم والله أعلم، وقد خلط راويه ولم يميز بين النجاشي الذي صلى عليه وهو الذي آمن به وأكرم أصحابه، وبين النجاشي الذي كتب إليه يدعوه، فهما اثنان. وقد جاء ذلك مبينًا في «صحيح مسلم» (¬٢) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى النجاشي وليس بالذي صلَّى عليه.
فصل
وكتب إلى المُقَوقِس ملك مصر والإسكندرية: «بسم الله الرحمن الرحيم. من محمدٍ عبدِ الله ورسوله إلى المُقَوقِس عظيم القِبْط. سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بداعية الإسلام (¬٣)، أسلِمْ تسلَم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم القبط {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٦٤]».
وبعث به مع حاطب بن أبي بلتعة، فلما دخل عليه قال له: إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، فانتقم به ثم انتقم منه، فاعتبِرْ بغيرك ولا يعتبر غيرُك بك! فقال: إن لنا دينًا لن ندعه إلا لما
---------------
(¬١) ذكره الواقدي عن سلمة بن الأكوع، كما في «الاكتفاء» (١: ٢/ ٣٩١)، وابن سيد الناس صادر عنه. وأخرج البخاري (١٢٤٥) ومسلم (٩٥١) من حديث أبي هريرة بنحوه إلا أنه ليس فيه ذكر السنة التي توفي فيها.
(¬٢) برقم (١٧٧٤/ ٧٥) من حديث أنس.
(¬٣) المثبت من ف، ز. وفي سائر الأصول: «بدعاية الإسلام».

الصفحة 874