كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 3)

وهذه المدافعة عنهم بحَسَب إيمانهم وعلى قَدْرِه، فإنْ قويَ الإيمانُ قويت المدافعة، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه.
وأَمَرهم أن يجاهدوا فيه حقَّ جهاده، كما أمرهم أن يتَّقوه حقَّ تُقاته. وكما أن حقَّ تقاته أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر= فحق جهاده أن يجاهدَ نفسه ليُسْلِمَ قلبُه ولسانُه وجوارحُه لله (¬١) وبالله، لا لنفسه ولا بنفسه، ويجاهدَ شيطانه بتكذيب وعده ومعصية أمره وارتكاب نهيه، فإنه يعِدُ الأماني ويُمنِّي الغرور، ويَعِد الفقر ويأمر بالفحشاء، وينهى عن الهدى والتقى والعفة والصبر وأخلاق الإيمان كلِّها، فجهاده بتكذيب وعده ومعصية أمره، فينشأ له من هذين الجهادين قوّةٌ وسلطانٌ وعدَّةٌ يجاهِدُ بها أعداءَ الله في الخارج بقلبه ولسانه ويده وماله لتكون كلمة الله هي العليا.
واختلفت عبارات السلف في حقِّ الجهاد (¬٢):
- فقال ابن عباس: هو استفراغ الطاقة فيه، وأن لا يخافَ في الله لومة لائم.
- وقال مقاتل: اعملوا لله بالحقِّ (¬٣) حقَّ عمله، واعبدوه حقَّ عبادته.
---------------
(¬١) بعده في ج، ن، المطبوع: «فيكون كله لله»، وهو مضروب عليه في ص، ولا يوجد في سائر النسخ.
(¬٢) الأقوال الآتية في «الكشف والبيان» للثعلبي (١٨/ ٤١٢ - ٤١٣) ط. دار التفسير، والمؤلف صادر عنه أو عن مختصره: «معالم التنزيل» للبغوي (٥/ ٤٠٢). وانظر: «تفسير مقاتل» (٢/ ٣٩١) و «تفسير الطبري» (٥/ ٦٤٠)، (١٦/ ٦٣٩، ٦٤٠).
(¬٣) «بالحق» سقط من المطبوع.

الصفحة 9