كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

أنزل له شفاءً. علِمَه مَن علِمَه، وجَهِله مَن جَهِله».
وفي «المسند» و «السُّنن» (¬١) عن أبي خِزامة (¬٢) قال: قلت: يا رسول الله أرأيتَ رقًى نسترقيها، ودواءً نتداوى به، وتُقاةً نتَّقيها= هل تردُّ من قدر الله شيئًا؟ فقال: «هي من قدر اللَّه».
فقد تضمَّنت هذه الأحاديث إثباتَ الأسباب والمسبَّبات، وإبطال قول من أنكرها. ويجوز أن يكون قوله: «لكلِّ داءٍ دواءٌ» على عمومه حتَّى يتناول الأدواءَ القاتلة، والأدواءَ الَّتي لا يمكن طبيبًا (¬٣) أن يُبرئها، ويكون الله عزَّ وجلَّ قد جعل لها أدويةً تُبرئها، ولكن طوى علمَها عن البشر، ولم يجعل لهم إليه (¬٤) سبيلًا؛ لأنَّه لا علم للخلق إلا ما علَّمهم اللَّه. ولهذا علَّق النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الشِّفاء على مصادفة الدَّواء للدَّاء (¬٥) فإنَّه لا شيء من المخلوقات إلا له ضدٌّ، فكلُّ داءٍ له ضدٌّ من الدَّواء يعالَج بضدِّه؛ فعلَّق النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - البرءَ بموافقة الدَّاء
---------------
(¬١) «مسند أحمد» (١٥٤٧٢)، «سنن التِّرمذي» (٢١٤٨)، «سنن ابن ماجه» (٣٤٣٧)، من طريق الزُّهري عن ابن أبي خزامة عن أبيه به، وهذا الإسنادُ خطأ، صوابه: الزُّهري عن أبي خزامة عن أبيه، كما نبَّه على ذلك الإمام أحمد (١٥٤٧٥)، وأبو زرعة وأبو حاتم كما في «العلل» لابنه (٦/ ٢٩٣ - ٢٩٤)، والتِّرمذي، والدَّارقطني في «العلل» (٢/ ٢٥١). وقد أخرجه على الوجه الصَّواب أحمد (١٥٤٧٣، ١٥٤٧٤)، والتِّرمذيُّ (٢٠٦٥)، وقال: «هذا حديث حسن صحيح»، وصحَّحه عبد الحقِّ في «الأحكام الصُّغرى» (٢/ ٨٤١).
(¬٢) في جميع النسخ: «ابن خزامة» إلا ز التي تحتمل ما أثبت.
(¬٣) ل، س: «طبيب» وكذا في طبعتي الفقي والرسالة، وهو خطأ.
(¬٤) يعني: إلى علمها. وفي س، ث، ل، ن: «إليها».
(¬٥) ز: «الداء للدواء». ن: «الداءِ الدواءَ».

الصفحة 16