كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

الجوع والعطش والبرد والحرِّ (¬١) بأضدادها، وكردِّ قدر العدوِّ بالجهاد. وكلٌّ من قدر الله: الدَّافعُ والمدفوعُ والدَّفعُ.
ويقال لمُورِد هذا السُّؤال: هذا يوجب عليك أن لا تباشر شيئًا من الأسباب الَّتي تجلب بها منفعةً أو تدفع بها مضرَّةً، لأنَّ المنفعة والمضرَّة إن قدِّرتا لم يكن بدٌّ من وقوعهما، وإن لم تقدَّرا (¬٢) لم يكن سبيلٌ إلى وقوعهما. وفي ذلك خراب الدِّين والدُّنيا وفساد العالم. وهذا لا يقوله إلا دافعٌ للحقِّ معاندٌ (¬٣) له فيذكر القدرَ ليدفع حجَّة المُحِقِّ عليه، كالمشركين الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا} [الأنعام: ١٤٨]، و {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا} [النحل: ٣٥]. فهذا قالوه دفعًا لحجَّة الله عليهم بالرُّسل.
وجواب هذا السَّائل أن يقال: بقي قسمٌ ثالثٌ لم تذكره، وهو أنَّ الله قدَّر كذا وكذا بهذا السَّبب، فإن أتيت بالسَّبب حصل المسبَّب، وإلَّا فلا.
فإن قال: إن كان قدَّر (¬٤) لي السَّبب فعلته، وإن لم يقدِّره (¬٥) لي لم أتمكَّن من فعله.
قيل: فهل تقبل هذا الاحتجاج من عبدك وولدك وأجيرك إذا احتجَّ به
---------------
(¬١) ن: «الحر والبرد».
(¬٢) في معظم النسخ: «يقدَّرا» بالياء.
(¬٣) د: «معاندًا».
(¬٤) س، ل: «قد قدر».
(¬٥) ث، ل: «يُقدَّر».

الصفحة 19