كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
ولمَّا كان في الإنسان جزءٌ أرضيٌّ وجزءٌ مائيٌّ (¬١) وجزءٌ هوائيٌّ قسَم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - طعامه وشرابه ونفَسه على الأجزاء الثَّلاثة.
فإن قيل: فأين حظُّ الجزء النَّاريِّ؟
قيل: هذه مسألةٌ تكلَّم فيها الأطبَّاء وقالوا: إنَّ في البدن جزءًا ناريًّا (¬٢) بالفعل، وهو أحد أركانه وأُسْطُقُصَّاته (¬٣). ونازعهم في ذلك آخرون من العقلاء من الأطبَّاء وغيرهم، وقالوا: ليس في البدن جزءٌ ناريٌّ بالفعل، واستدلَّوا بوجوهٍ:
أحدها (¬٤): أنَّ ذلك الجزء النَّاريَّ إمَّا أن يُدَّعى أنَّه نزل عن الأثير واختلط بهذه الأجزاء المائيَّة والأرضيَّة، أو يقال: إنَّه تولَّد فيها وتكوَّن. والأوَّل مستبعدٌ لوجهين أحدهما: أنَّ النَّار بالطَّبع صاعدةٌ، فلو نزلت لكانت بقاسرٍ من مركزها إلى هذا العالم. الثَّاني: أنَّ تلك الأجزاء النَّاريَّة لا بدَّ في نزولها أن تعبر على كرة الزَّمهرير الَّتي هي في غاية البرد (¬٥)، ونحن نشاهد في
---------------
(¬١) الجزء المائي مؤخر في النسخ المطبوعة على الجزء الهوائي. وفي الكلام لفّ ونشر مرتَّب.
(¬٢) ف: «جزء ناري».
(¬٣) ما عدا ف، س (وقد ضبط فيها): «استقصائه»، تصحيف. وهي في أصلها كلمة يونانية معرَّبة، بالسين أو بالصاد بعد القاف كما هنا، ويرى الدكتور ف. عبد الرحيم أنها دخلت في العربية من السريانية. ويراد بها العناصر الأربعة: الأرض والماء والهواء والنار. انظر: «مفاتيح العلوم» للخوارزمي (ص ١٣٧) و «القول الأصيل» (ص ١٦ - ١٧).
(¬٤) «أحدها» ساقط من د.
(¬٥) بعده في د زيادة: «ونحوه».