كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)
ذكر القسم الأوَّل وهو العلاج بالأدوية الطَّبيعيَّة
فصل
في هديه في علاج الحمَّى
ثبت في «الصَّحيحين» (¬١) عن نافع عن ابن عمر أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّما الحمَّى ــ أو: شدَّة الحمَّى ــ من فَيْحِ جهنَّم، فأَبرِدُوها بالماء».
وقد أشكل هذا الحديث على كثيرٍ من جهلة الأطبَّاء (¬٢)، ورأوه منافيًا لدواء الحمَّى وعلاجها. ونحن نبيِّن بحول الله (¬٣) وجهَه وفقهَه، فنقول: خطاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نوعان: عامٌّ لأهل الأرض، وخاصٌّ ببعضهم (¬٤). فالأوَّل كعامَّة خطابه. والثَّاني كقوله: «لا تستقبلوا القبلة بغائطٍ ولا بولٍ ولا تستدبروها، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا» (¬٥)، فهذا ليس بخطابٍ لأهل المشرق ولا المغرب ولا العراق، ولكن لأهل المدينة وما على سَمْتِها كالشَّام وغيرها. وكذلك قوله: «ما بين المشرق والمغرب قبلةٌ» (¬٦).
---------------
(¬١) البخاري (٣٢٦٤) ومسلم (٢٢٠٩).
(¬٢) وانظر: «المفهم» للقرطبي (٥/ ٥٩٩ - ٦٠١).
(¬٣) بعده في ن: «وقوته»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(¬٤) س، ث، ل: «لبعضهم».
(¬٥) أخرجه البخاري (٣٩٤) ومسلم (٢٦٤) من حديث أبي أيوب الأنصاري.
(¬٦) أخرجه التِّرمذي (٣٤٤)، وابن ماجه (١٠١١)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وقد تكلَّم فيه أحمد، وأنكره النَّسائي (٤/ ١٧١)، وقوَّاه البخاري، وقال التِّرمذي: «هذا حديث حسن صحيح»، وصحَّحه عبد الحقِّ في «الأحكام الصُّغرى» (١/ ٢٢٤). ورُوي عن ابن عمر مرفوعًا، وعن أبي قلابة مُرسلًا، وعن عمر وعليٍّ وابن عبَّاس موقوفًا.