كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

البُرْء» (¬١): ولو أنَّ رجلًا شابَّا خَشِنَ (¬٢) اللَّحم خِصْبَ البدن، في وقت القيظ، في وقت (¬٣) منتهى من الحمَّى (¬٤)، وليس في أحشائه ورمٌ= استحمَّ بماءٍ باردٍ أو سبَح فيه لانتفع بذلك. قال: ونحن نأمر بذلك بلا توقُّف.
وقال الرازي في كتابه «الكبير» (¬٥): إذا كانت القوَّة قويَّةً، والحمَّى حادَّة جدًّا، والنُّضجُ بيِّنٌ، ولا ورم في الجوف ولا فَتْق= ينفع الماء البارد شُربًا. وإن كان العليلُ خِصْبَ البدن، والزَّمانُ حارٌّ، وكان معتادًا لاستعمال الماء البارد من خارجٍ= فليؤذَن فيه.
وقوله: «الحمَّى من فَيح جهنَّم» هو شدَّة لهبها وانتشارها. ونظيره قوله: «شدَّة الحرِّ من فَيح جهنَّم». وفيه وجهان:
أحدهما: أنَّ ذلك أنموذجٌ ورَقيقةٌ (¬٦) اشتقَّت من جهنَّم ليستدلَّ بها العباد
---------------
(¬١) ث، ل، حط: «حلية البرء»، تصحيف. والنقل عن كتاب الحموي (ص ٦٩).
(¬٢) هكذا في جميع النسخ بالشين المعجمة. وفي النسخ المطبوعة: «حسن»، وكذا في كتاب الحموي و «فتح الباري» (١٠/ ١٧٧) ــ وقد نقل من كتابنا ــ وهو تصحيف. انظر: «الحاوي» للرازي (٢/ ٣٩٥).
(¬٣) لفظ «وقت» ساقط من س، ث، ل.
(¬٤) في طبعة عبد اللطيف وما بعدها: «منتهى الحمى».
(¬٥) يعني: «الحاوي» (٤/ ٢٦١) والنص منقول من كتاب الحموي (ص ٢٩٨).
(¬٦) أي قطعة يسيرة. انظر ما علَّقته على قوله في «طريق الهجرتين» (١/ ٦٩): «رقيقة من نعيم أهل الجنة». ومنه قوله في «المدارج» (١/ ٢٢٠): «رقيقة من العجب». ومنه قول أبي العباس البُوني (ت ٦٢٢ هـ): «ربِّ أوقِفْني مواقف العزِّ حتى لا أجد فيَّ ذرَّةً ولا رقيقةً ولا دقيقةً إلا قد غشَّاها من عزِّ عزِّتك ما يمنعها من الذلِّ لغيرك». انظر كتابه «اللمعة النورانية» خ جامعة الملك سعود (ق ٨/أ). وكأن الكلمة بهذا المعنى من ألفاظ المتصوفة.

الصفحة 33