كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

فيه هذا العلاج. فالحمَّى تنفع البدن والقلب، وما كان بهذه المثابة فسبُّه ظلمٌ وعدوانٌ.
وذكرتُ مرَّةً وأنا محمومٌ قولَ بعض الشُّعراء (¬١) يسُبُّها:
زارت مكفِّرةُ الذُّنوب وودَّعَتْ ... تبًّا لها من زائرٍ ومودِّعِ
قالت وقد عزمَت على تَرحالها ... ماذا تريد؟ فقلت: أن لا ترجعي

فقلت: تبًّا له إذ سبَّ ما نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن سبِّه! ولو قال:
زارت مكفِّرةُ الذُّنوب لصبِّها ... أهلًا بها من زائرٍ ومودِّع
قالت وقد عزمَتْ على ترحالها ... ماذا تريد؟ فقلت: أن لا تُقلعي
لكان أولى به، ولأقلعَتْ عنه. فأقلعت عنِّي سريعًا (¬٢).
وقد روي في أثرٍ لا أعرف حاله: «حمَّى يومٍ كفَّارةُ سنةٍ» (¬٣). وفيه قولان (¬٤)، أحدهما: أنَّ الحمَّى تدخل في كلِّ الأعضاء والمفاصل، وعدَّتُها
---------------
(¬١) نسب البيتان مع ثالث في «شذرات الذهب» (٧/ ٢٠٢) إلى الملك المعظم شرف الدين الأيوبي (٥٧٦ - ٦٢٤).
(¬٢) أنشد شمس الدين ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (٣/ ٢٤١) بيتي الملك المعظم ثم بيتي المؤلف دون تسميته وقال: «لم يُصِب من قال: ... ولا من قال: ... لأن الأول ارتكب النهي عن سبِّها، والثاني ترك الأمرَ بسؤال العفو والعافية وأراد بقاء المرض».
(¬٣) لعلَّه يقصِد بالأثر ما أخرجه ابن أبي الدُّنيا في «المرض والكفَّارات» (٤٩)، ومن طريقه البيهقي في «الشُّعب» (٩٤٠٣)، عن أبي الدَّرداء - رضي الله عنه - قال: «حمَّى ليلةٍ كفَّارةُ سنَةٍ»، وإسناده ضعيف. ورُوي مرفوعًا من حديث ابن مسعود وأبي هريرة - رضي الله عنهما -، وهما حديثان واهيان، ينظر: «السلسلة الضعيفة» (٣٥٣٢، ٦١٤٣).
(¬٤) انظر القولين في «قوت القلوب» (٢/ ٣٩).

الصفحة 38