كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

يستاك وهو صائمٌ. وقال البخاريُّ (¬١): قال ابن عمر: يستاك أوَّل النَّهار وآخره.
وأجمع النَّاس على أنَّ الصَّائم يتمضمض وجوبًا واستحبابًا، والمضمضة أبلغ من السِّواك. وليس لله ورسوله (¬٢) غرضٌ في التَّقرُّب إليه بالرَّائحة الكريهة، ولا هي من جنس ما شُرِع التَّعبد به. وإنَّما ذُكِر طيبُ الخُلوف عند الله يوم القيامة حثًّا منه على الصَّوم، لا حثًّا على إبقاء الرَّائحة؛ بل الصَّائم أحوج إلى السِّواك من المفطر (¬٣).
وأيضًا، فإنَّ رضوان الله أكبر من استطابته لخلوف فم الصَّائم.
وأيضًا، فإنَّ محبَّته للسِّواك أعظم من محبَّته لبقاء الخلوف.
وأيضًا، فإنَّ السِّواك لا يمنع طيب الخلوف الذي يزيله السِّواك عند الله يوم القيامة، بل يأتي الصَّائم يوم القيامة وخُلوف فمه أطيَبُ من المسك علامةً
---------------
(¬١) في كتاب الصَّوم، باب اغتسال الصَّائم. ووصله ابن أبي شيبة (٩٢٤٩) من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنَّه كان يستاك إذا أراد أن يدفع إلى الظُّهر وهو صائم. ووصله أيضًا البيهقيُّ في «الكبرى» (٤/ ٢٧٣) من طريق عبد الله بن نافع مولى ابن عمر، عن أبيه، عن ابن عمر أنَّه كان يستاك وهو صائم. ويُروى مرفوعًا، قال ابن الملقِّن في «البدر المنير» (٥/ ٧٤١): «الصَّحيح وقفه على ابن عمر».
(¬٢) لم يرد «ورسوله» في النسخ المطبوعة. ولعل بعضهم حذفه.
(¬٣) هنا حاشية طويلة في (حط) منقولة بخط ناسخها، وأولها: «مما يستدل به على استحباب السواك للصائم كغيره أن الشيء الواحد له حكمان عند الله: أحدهما بالنسبة إلى الدنيا، والثاني بالنسبة إلى الآخرة ... ». وانظر لهذا النص: «العدة في شرح العمدة» لابن العطار (١/ ١٤٨).

الصفحة 477