كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 4)

غيرهما: الكمأة تكون واحدًا وجمعًا (¬١).
واحتجَّ أصحاب القول الأوَّل بأنَّهم قد جمعوا كَمْأً على أكمُؤٍ. قال الشَّاعر (¬٢):
ولقد جنيتُك أكمُؤًا وعساقلًا ... ولقد نهيتُك عن بنات الأوبر (¬٣)

وهذا يدلُّ على أنَّ كَمْأً مفردٌ، وكمأةً جمعٌ (¬٤).
والكمأة تكون في الأرض من غير أن تزرع. وسمِّيت كمأةً لاستتارها. ومنه كمَأ الشَّهادةَ، إذا سترها وأخفاها. والكمأة مختفية (¬٥) تحت الأرض، لا ورق لها ولا ساق. ومادَّتها من جوهرٍ أرضيٍّ بخاريٍّ محتقنٍ في الأرض نحو سطحها. يحتقن ببرد الشِّتاء، وتنمِّيه أمطار الرِّبيع، فيتولَّد ويندفع نحو سطح الأرض متجسِّدًا. ولذلك يقال لها: «جُدَريُّ الأرض» تشبيهًا بالجدريِّ في صورته ومادَّته، لأنَّ مادَّته رطوبةٌ دمويَّةٌ، تندفع عند سنِّ التَّرعرع في الغالب وفي ابتداء استيلاء الحرارة ونماء القوَّة.
---------------
(¬١) حكاه الحموي عن أبي زيد ولعل مصدره «كتاب النبات» (ص ٧١).
(¬٢) أنشده صاحب «العين» (٢/ ٢٩٠) وأبو عمرو الشيباني في «الجيم» (٢/ ٣٣٣) وأبو عبيد في «الغريب المصنَّف» (١/ ٤٨٤) والمبرِّد في «المقتضب» (٤/ ٤٨) وغيرهم، وهو من الشواهد النحوية المشهورة، ولم يعرف قائله.
(¬٣) جنيتُك: جنيتُ لك. العساقل: ضرب من الكمأة كبار بيض. بنات أوبر: ضرب من الكمأ صغار مزغَّب.
(¬٤) هذا الاحتجاج مع الشاهد من مصدر غير كتاب الحموي.
(¬٥) ل: «مخفيَّة»، وكذا في النسخ المطبوعة.

الصفحة 533